للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم اعلم أن مذهبنا أن المستحاضة لا تصلي بطهارة واحدة أكثر من فريضة واحدة مؤداة كانت أو مقضية وتستبيح معها ما شاءت من النوافل قبل الفريضة وبعدها، ولنا وجه أنها لا تستبيح أصلا لعدم ضرورتها إلى النافلة والصواب الأول، وقال أبو حنيفة: طهارتها مقدرة بالوقت فتصلي في الوقت بطهارتها الواحدة ما شاءت من الفرائض الفائتة، وقال ربيعة ومالك وداود: دم الاستحاضة لا ينقض الوضوء فإذا تطهرت فلها أن تصلي بطهارتها ما شاءت من الفرائض إلى أن تُحْدِثَ بغير الاستحاضة، والله أعلم.

قال أصحابنا: ولا يصح وضوء المستحاضة لفريضة قبل دخول وقتها، وقال أبو حنيفة: يجوز ودليلنا أنها طهارة ضرورة فلا تجوز قبل وقت الحاجة، قال أصحابنا: وإذا توضأت بادرت إلى الصلاة عقب طهارتها فإن أخرت بأن توضأت في أول الوقت وصلت في وسطه نظر إن كان التأخير للاشتغال بسبب من أسباب الصلاة كستر العورة والأذان والإقامة والاجتهاد في القبلة والذهاب إلى المسجد الأعظم والمواضع الشريفة والسعي في تحصيل سترة تصلي إليها وانتظار الجمعة والجماعة وما أشبه ذلك جاز على المذهب الصحيح المشهور، ولنا وجه أنه لا يجوز وليس بشيء، وأما إذا أخرت بغير سبب من هذه الأسباب وما في معناها ففيه ثلاثة أوجه أصحها: لا يجوز وتبطل طهارتها، والثاني: يجوز ولا تبطل طهارتها، ولها أن تصلي بها ولو بعد خروج الوقت، والثالث: لها التأخير ما لم يخرج وقت الفريضة فإن خرج فليس لها أن تصلي بتلك الطهارة، فإن قلنا بالأصح وأنها إذا أخرت لا تستبيح الفريضة فبادرت فصلت الفريضة فلها أن تصلي النوافل ما دام وقت الفريضة باقيًا فإذا خرج وقت الفريضة فليس لها أن تصلي بعد ذلك النوافل بتلك الطهارة على أصح الوجهين، والله أعلم.

قال أصحابنا: وكيفية نية المستحاضة في وضوئها أن تنوي استباحة الصلاة ولا تقتصر على نية رفع الحدث، ولنا وجه أنه يجزئها الاقتصار على نية رفع الحدث، ووجه ثالث أنه يجب عليها الجمع بين نية استباحة الصلاة ورفع الحدث؛ والصحيح الأول، فإذا توضأت المستحاضة استباحت الصلاة، وهل يقال ارتفع حدثها فيه أوجه لأصحابنا؛ الأصح: أنه لا يرتفع شيء من حدثها بل تستبيح الصلاة بهذه الطهارة مع وجود الحدث كالمتيمم فإنه محدث عندنا، والثاني يرتفع حدثها السابق والمقارن للطهارة دون المستقبل، والثالث يرتفع الماضي وحده، والله سبحانه وتعالى أعلم، اهـ نواوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>