للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ. فَقَالُوا: وَاللهِ، مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلا أَنَّهُ آدَرُ. قَال: فَذَهَبَ مَرَّةَ يَغْتَسِلُ. فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ. فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ. قَال: فَجَمَحَ مُوسَى بِإِثْرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأَةِ مُوسَى

ــ

في شرعهم وإلا لما أقرهم موسى - عليه السلام - على ذلك أو كان حرامًا عندهم لكنهم كانوا يتساهلون في ذلك، وهذا الثاني هو الظاهر لأن الأول لا ينهض أن يكون دليلًا لجواز مخالفتهم له في ذلك، ويؤيده قولُ القرطبي: كانت بنو إسرائيل تفعل ذلك معاندةً للشرع ومخالفة لموسى - عليه السلام -، وهذا من جملة عتوهم وقلة مبالاتهم باتباع شرعه، اهـ قسط (وكان موسى - عليه السلام - يغتسل) حالة كونه (وحده) أي منفردًا عنهم أي يختار الخلوة تنزها واستحبابًا وحياء ومروءة أو لحرمة التعري بحضرة الناس (فقالوا) أي قال بنو إسرائيل (والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر) بالمد وتخفيف الراء كآدم أو على وزن أفعل أي إلا أنه عظيم الخصيتين أي منتفخهما، وفي المصباح الأدرة وزان غرفة انتفاخ الخصية، يقال أدر من باب تعب فهو آدر والجمع أدر مثل أحمر وحمر، اهـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية البخاري إسقاط لفظة قال (فذهب) موسى (مرة) أي يومًا من الأيام أو ذهابًا واحدًا حالة كونه يريد أن (يغتسل فوضع ثوبه على حجر) قال سعيد بن جبير: هو الحجر الذيِ كان يحمله معه في الأسفار فيتفجر منه الماء (ففر الحجر) أي شرد وهرب الحجر الذي وضع عليه ثوبه (بثوبه قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية البخاري إسقاطها أيضًا (فجمح موسى) أي عدا موسى وجرى جريا شديدًا سريعًا (بإثره) بكسر الهمزة وسكون المثلثة أي خلف الحجر ووراءه حالة كونه (يقول) أعطني أو رد أو دع (ثوبي) يا (حجر) أعطني (ثوبي) يا (حجر) مكررا مرتين ونصب ثوبي بفعل محذوف كما قررناه ويحتمل أن يكون مرفوعًا بمبتدإ محذوف تقديره هذا ثوبي، وعلى هذا الثاني المعنى استعظام كونه يأخذ ثوبه فعامله معاملة من لا يعلم كونه ثوبه كي يرجع عن فعله ويرد وإنما خاطبه لأنه أجراه مجرى من يعقل لفعله فِعْلَه إذ المتحرك يمكن أن يَسْمَعَ ويُجِيبَ، وقولُه (حتى نظرت) غاية لقوله فجمح موسى أي خرج موسى من الماء وأجرى وراء الحجر أشد الجري حتى نظرت (بنو إسرائيل إلى سوءة موسى) أي إلى عورته وتأنيث الفعل هنا على خلاف ما

<<  <  ج: ص:  >  >>