قلنا في جمع المذكر السالم من تذكير الفعل معه لكون هذا الجمع شاذا على خلاف القياس لتغير بناء مفرده أو بناء على قول من يقول: كل جمع مؤنث مطلقًا كما قال الزمخشري:
إنَّ قومي تجمَّعوا ... وبقتلي تحدثوا
لا أبالي بجمعهم ... كل جمع مؤنث
وفيه رد على القول بأن ستر العورة كان واجبًا عندهم، وفيه إباحة النظر إلى العورة عند الضرورة الداعية إلى ذلك من مداواة أو براءة مما رمي به من العيوب كالبرص وغيره لكن الأول أظهر، ومجرد تستر موسى لا يدل على وجوبه، لما تقرر في الأصول أن الفعل لا يدل بمجرده على الوجوب، وليس في الحديث أن موسى - عليه السلام - أمرهم بالتستر ولا أنكر عليهم التكشف. وأما إباحة النظر إلى العورة للبراءة مما رمي به من العيوب فإنما هو حيث يترتب على الفعل حكم كفسخ النكاح بسبب العيب، وأما قصة موسى - عليه السلام - فليس فيها أمر شرعي ملزم يترتب على ذلك فلولا إباحة النظر إلى العورة لما أمكنهم موسى - عليه السلام - من ذلك ولا خرج مارا على مجالسهم وهو كذلك، وأما اغتساله خاليًا فكان يأخذ في حق نفسه بالأكمل والأفضل، ويدل على الإباحة ما وقع لنبينا صلى الله عليه وسلم وقت بناء الكعبة من جعل إزاره على كتفه بإشارة العباس عليه بذلك ليكون أرفق به في نقل الحجارة ولولا إباحته لما فعله لكنه أُلْزِمَ بالأكمل والأفضل لعلو مرتبته صلى الله عليه وسلم.
(قالوا) وفي رواية البخاري فقالوا، وفي رواية له وقالوا بالواو؛ أي قالت بنو إسرائيل لما رأوه سليمًا من الأدرة (والله ما بموسى) أي ليس بموسى (من بأس) أي عيب اسم ما ومن زائدة وهذا أحد الوجوه المذكورة في تبرئة الله تعالى إياه بقوله في سورة الأحزاب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} وفي البخاري في كتاب التفسير من صحيحه إن موسى كان رجلًا حييا وذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} الآية (فقام الحجر حتى نظر) بصيغة المجهول (إليه) أي إلى الحجر، والضمير إلى الحجر أي فقام الحجر حتى نُظِر إليه أي نظر إليه موسى وبنو إسرائيل تعجبًا منه، وهذه الجملة ليست في رواية البخاري (قال) رسول الله صلى الله