للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَال: تُصُدِّقَ عَلَى مَوْلاةٍ لِمَيمُونَةَ بِشَاةٍ. فَمَاتَتْ. فَمَرَّ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَها، فَدَبَغْتُمُوهُ، فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟ " فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيتَةٌ. فَقَال: "إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا"

ــ

سنة (٩٤) روى عنه في (٨) أبواب (عن) عبد الله (بن عباس) الهاشمي المدني المكي البصري الطائفي حبر الأمة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجمان القرآن، من المكثرين. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان أو كوفي ونيسابوري أو كوفي وبغدادي أو كوفي وعدني (قال) ابن عباس (تُصدِّق على مولاة) أي عتيقة (لميمونة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم (بشاة فماتت) تلدُ الشاة بلا ذكاة شرعية فطرحوها في الفلاة (فمر بها) أي بتلك الميتة (رسول الله صلى الله عليه وسلم) فرآها (فقال هلا أخذتم) وسلختم (إهابها) أي جلدها و"هلا" هنا للتحضيض وهو الطلب بعنف وشدة، والإهاب بكسر الهمزة هو الجلد مطلقًا، وقيل هو الجلد قبل الدباغ فأما بعده فلا يُسمى إهابًا بل أديمًا يُجمع على أَهَبٍ بفتحتين وأُهُب بضمتين لغتان فيها (فدبغتموه) أي أزلتم فضلاته مما يعفنه بحرِّيفٍ (فانتفعتم به) بجعله قِرْبَة أو مزادة أو بساطًا (فقالوا) أي قال الحاضرون عنده، قال ابن حجر: لم أقف على تعيين القائل (أنها) أي إن هذه الشاة (ميتة) أي زائلة الحياة بغير ذكاة شرعية فلا يحل الانتفاع بشيء منها (فقال إنما حرُم) بفتح الحاء وضم الراء على وزن كرُم أو بضم الحاء وتشديد الراء المكسورة على وزن المضعف المبني للمجهول أي إنما حرُم (أَكْلُهَا) أي أكل لحمها لا الانتفاع بجلدها بعد دبغه. قال القرطبي: قوله (إنما حرُم أكلها) خرج على الغالب مما تراد اللحوم له وإلا فقد حرم حملها في الصلاة وبيعها واستعمالها وغير ذلك مما يحرم من النجاسات، اهـ.

قال ابن أبي جمرة في قوله (إنما حرُم أكلها): مراجعة الإمام فيما لا يفهم السامع معنى ما أمره كأنهم قالوا: كيف تامرنا بالانتفاع بها وقد حرمت علينا؟ فبيّن لهم وجه التحريم ويؤخذ منه جواز تخصيص الكتاب بالسنة، لأن لفظ القرآن {حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْمَيتَةُ} شامل لجميع أجزائها في كل حال فخصصت السنة ذلك بالأكل. وقال النواوي: وفي هذا اللفظ دلالة على تحريم أكل جلد الميتة وهو الصحيح، ولقائل أن يقول المراد تحريم لحمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>