(قال أبو بكر) بن أبي شيبة (و) محمد (بن أبي عمر في حديثهما) أي في روايتهما لهذا الحديث (عن ميمونة) يعني أنهما ذكرا في روايتهما أن ابن عباس رواه عن ميمونة، قال في الفتح: والراجح عند الحفاظ في حديث الزهري أن لا تُذكر فيه ميمونة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٥٥٣١١] وأبو داود [٤١٢٠ و ٤١٢١] والترمذي [١٧٢٧] والنسائي [٧/ ١٧١ - ١٧٢].
قال في الفتح: وفي الحديث حُسنُ مراجعتهم وبلاغتهم في الخطاب لأنهم جمعوا معاني كثيرة في كلمة واحدة وهي قولهم إنها ميتة، واستدل به الزهري على جواز الانتفاع بجلد الميتة مطلقًا سواء أدبغ أم لم يُدبغ لكن صح التقييد من طرق أخرى بالدباغ وهي حجة الجمهور، واستثنى الشافعي من الميتات الكلب والخنزير وما تولد منهما لنجاسسة عينها عنده ولم يستثن أبو يوسف وداود شيئًا أخذًا بعموم الخبر وهي رواية عن مالك، اهـ.
قال ابن الملك في المبارق في قوله (إنما حرم أكلها): دلالة على أن ما عدا المأكول من أجزاء الميتة كالشعر والسن وغيرهما غير محرم فيجوز الانتفاع به لأنه إنما حرم أكلها لنجاستها فيُعلم منه أنه لا يجوز بيعها، والغرض من هذا الحصر بيان كون إهابها غير محرم فيجوز أخذه، اهـ.
قال النواوي: اختلف العلماء في دباغ جلود الميتة وطهارتها بالدباغ على سبعة مذاهب:
أحدها: مذهب الشافعي أنه يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما وغيرِه، ويطهر بالدباغ ظاهر الجلد وباطنه، ويجوز استعماله في الأشياء المائعة واليابسة ولا فرق بين ماكول اللحم وغيره، وروي هذا المذهب عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما.
والمذهب الثاني: لا يطهر شيء من الجلود بالدباغ، ورُوي هذا عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعائشة رضي الله تعالى عنهم، وهو أشهر الروايتين عن أحمد وإحدى الروايتين عن مالك.
والمذهب الثالث: يطهر بالدباغ جلد مأكول اللحم ولا يطهر غيره وهو مذهب الأوزاعي وابن المبارك وأبي ثور وإسحاق بن راهويه.