للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وُضُوءٍ. فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيهِ. فَنَزَلَت آيَةُ التَّيَمُّمِ. فَقَال أُسَيدُ بْنُ حُضَيرٍ: جَزَاكِ اللهُ خَيرًا. فَوَاللهِ! مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ إِلا جَعَلَ اللهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا. وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً

ــ

على ماء (فصَلَّوا) بفتح اللام المشددة على صيغة الماضي أي أدَّوا الصلاة في وقتها (بغير وضوء) باجتهادهم (فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم) ورجعوا إليه وهم لم يجدوها (شَكَوْا ذلك) بفتح الكاف المخففة من الشكوى؛ أي أخبروا ذلك الذي فعلوه من الصلاة بلا وضوء (إليه) صلى الله عليه وسلم على سبيل الشكاية (فنَزلت آية التيمم) التي في سورة المائدة (فقال أُسيد بن حضير) لعائشة (جزاك الله خيرًا) أي جعل الله الخير والثواب جزاءً لك على أعمالك كلها (فوالله) أي فاقسمت بالله (ما نزل بك أمر) يُهِمُّكِ (قط) أي فيما مضى من الزمان (إلَّا جعل الله لك منه) أي من ذلك الأمر المهم المكروه لك فرجًا و (مخرجًا) وانكشافًا وزوالًا عنك (وجعل للمسلمين فيه) أي في ذلك الأمر الذي نزل بك (بركة) أي خيرًا كثيرًا في دينهم، كرخصة التيمم في ضياع قلادتها.

وشارك المؤلف في هذه الرواية البخاري [٣٣٦] وأبو داود [٣١٧] والنسائي [١/ ١٦٣ - ١٦٤، وابن ماجه [٥٦٨].

قال القرطبي: وكون الأناس المبعوثين صلوا بغير وضوء ولا تيمم دليل لمن صار إلى أنه إذا عدمهما يصلي، وهي مسألة اختلف العلماء فيها على أربعة أقوال: الأول: لا صلاة عليه ولا قضاء عليه قاله مالك وابن نافع والثوري والأوزاعي وأهل الرأي. الثاني: يُصلِّي ويقضي قاله ابن القاسم والشافعي. الثالث: يُصلِّي ولا يُعيد قاله أشهب. الرابع: يقضي ولا يُصلِّي. وسبب الخلاف في هذه المسألة هل الطهارة شرط في الوجوب أو في الأداء؟ ولا حجة للمتمسك بهذا الحديث على شيء من هذه المسألة لأن كون المبعوثين صلوا كذلك رأْيٌ رأوه ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم على شيء من ذلك، وأيضًا فإنه قال فصلوا بغير وضوء فنفى الوضوء خاصَّةً، ولم يتعرض للتيمم، فلعلهم فعلوا كما فعل عمار تمرغوا في التراب والله أعلم اهـ مفهم.

قال النواوي: واعلم أن التيمم ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهو من خصوصية هذه الأمة، وأجمعت الأمة على أن التيمم لا يكون إلَّا في الوجه واليدين سواء كان عن حدث أصغر أو أكبر وسواء تيمم عن الأعضاء كلها أو عن بعضها. واعلم أنه اختلف العلماء في كيفية التيمم فمذهبنا ومذهب الأكثرين أنه لا بد من

<<  <  ج: ص:  >  >>