للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال عَبْدُ اللهِ: لا يَتَيَمَّمُ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا. فَقَال أَبُو مُوسَى: فَكَيفَ بِهَذِهِ الآيَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: ٦] فَقَال عَبْدُ اللهِ: لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ، لأَوْشَكَ، إِذَا بَرَدَ عَلَيهِمُ الْمَاءُ، أَنْ يَتَيَمَّمُوا بِالصَّعِيدِ، فَقَال أَبُو مُوسَى لِعَبْدِ اللَّهِ: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ:

ــ

الصلاة حتى يجد الماء (فقال عبد الله) بن مسعود (لا يتيمم) ولا يصلي (وإن لم يجد الماء شهرًا) كاملًا (فقال أبو موسى) لعبد الله (فكيف) تصنع وتؤول (بهده الآية) المذكورة (في سورة المائدة {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}) طهورًا حسًّا أو شرعًا ({فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا}) أي فاقصدوا ترابًا ({طَيِّبًا}) أي طهورًا الدالة على وجوب التيمم عند فقدان الماء (فقال عبد الله) بن مسعود (لو رُخِّصَ لهم) أي للناس في التيمم (في هذه الآية) أي بمقتضى ما ذُكر في هذه الآية (لأوشك) الناس (إذا برد عليهم الماء) أي لقربوا وأسرعوا إلى (أن يتيمموا بالصعيد) الطيب فسدًا لباب التيمم عليهم لا نُرخِّص لهذا الجُنُبِ في التيمم، واستشكل ما ذهب إليه ابن مسعود كعمر رضي الله تعالى عنهما من إبطال هذه الرخصة مع ما فيه من إسقاط الصلاة عمن خوطب بها وهو مأمور بها، وأُجيب: بأنهما إنما تأولا الملامسة في الآية وهي قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} على مماسة البشرتين من غير جماع إذ لو أرادا الجماع لكان فيه مخالفة الآية صراحةً لأنه تعالى قال {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} أي اغتسلوا ثم قال: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} فجعل التيمم بدلًا عن الوضوء، فلا يدل على جواز التيمم للجنب، ولعل مجلس المناظرة بين أبي موسى وابن مسعود ما كان يقتضي تطويل المناظرة وإلا فكان لابن مسعود أن يجيب أبا موسى بأن الملامسة في الآية المراد بها تلاقي البشرتين بلا جماع، والحاصل أن عمر وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما لا يريان تيمم الجنب لآية {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} ولآية {وَلَا جُنُبًا إلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} اهـ قسطلاني. وفي بعض الهوامش قوله (لأوشك) جواب "لو" ومعناه قَرُب وأسرع، وجملة أن يتيمموا فاعله (وبرد) بفتح الراء وضمها، قال الجوهري: والفتح أشهر، والمفهوم من كلام ابن مسعود أنه لا يرى للجنب التيمم (فقال أبو موسى لعبد الله ألم تسمع) الهمزة فيه للاستفهام التقريري أي ألم تسمع يا أبا عبد الرحمن (قول عمار) بن ياسر العَنْسِي - بالنون الساكنة - وكان من السابقين الأولين، وهو وأبوه شهدا المشاهد كلها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

<<  <  ج: ص:  >  >>