للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّهُ لَقِيَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ. فَانْسَلَّ فَذَهَبَ فَاغتَسَلَ. فَتَفَقَّدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا جَاءَهُ قَال "أَينَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيرَةَ؟ " قَال: يَا رَسُولَ اللهِ، لَقِيتَنِي وَأَنَا جُنُبٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ حَتَّى أَغْتَسِلَ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "سُبْحَانَ اللهِ،

ــ

وكذلك أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم من الأئمة عن حميد عن بكر المزني عن أبي رافع ولا يقدح هذا الانقطاع في أصل متن الحديث فإن المتن ثابت على كل حال من رواية أبي هريرة ومن رواية حذيفة اهـ نووي.

(عن أبي هريرة أنه لقبه النبي صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة) أي في سكة من سككها (وهو) أي والحال أن أبا هريرة (جُنب) جملة اسمية حالية من الضمير المنصوب في لقيه, قوله (فانسلَّ) أبو هريرة بلفظ الغَيبة من باب النقل عن الراوي بالمعنى، أو من قول أبي هريرة من باب التجريد البديعي وهو أنه جرد من نفسه شخصًا وأخبر عنه كأنه غيره وهو المناسب لجميع ما سيأتي، وقد مر أن الانسلال هو الذهاب بخفية، قال المجد: انسل وتسلل انطلق في استخفاء، والمعنى قال أبو هريرة: انطلق أبو هريرة ورجع وراءه خفية (فذهب) إلى موضع يجد فيه ماء (فاغتسل) من الجنابة، وفي رواية فانسللتُ فذهبت فاغتسلت وهو الظاهر، وكان سبب ذهاب أبي هريرة ما رواه النسائي وابن حبان من حديث حذيفة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا لقي أحدًا من أصحابه ماسحه ودعا له، فلما ظن أبو هريرة رضي الله عنه أن الجنب ينجس بالجنابة خشي أن يماسَّه النبي صلى الله عليه وسلم كعادته فبادر إلى الاغتسال، اهـ ق (فتفقده النبي صلى الله عليه وسلم) أي بحث عنه وطلبه وسأل عن سبب فقدانه (فلما جاءه) أبو هريرة سأله عن مغيبه و (قال) له (أين كنت) وتغيبت عنا (يا أبا هريرة قال) أبو هريرة (يا رسول الله لقيتني) أي استقبلتني (وأنا جنب) أي ذو جنابة لأنه اسم جرى مجرى المصدر وهو الإجناب (فكرهت أن أجالسك) أي أن أجلس معك وأنا على غير طهارة (حتى أغتسل) وأتطهر من جنابتي (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله) منصوب على المفعولية المطلقة بعامل محذوف وجوبًا لجريانه مجرى المَثَل، وأتى به هنا للتعجب والاستعظام أي كيف يخفى عليك مثل هذا الظاهر الذي هو نجاسة المؤمن بالجنابة، والمعنى تنزيهًا لله في كل شؤونه التي منها خفاء هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>