الأمر الظاهر عليك يا أبا هريرة (إن المؤمن لا ينجس) معناه أن الأمر بالغسل من الجنابة تعبدي وليس بنجس حقيقة حتى لا يجوز مسه، قال الفيومي: نجس من بابي تعِب وقتَل أي إن المؤمن لا ينجس في ذاته حيًّا ولا ميتًا ولذا يغسل إذا مات، نعم يتنجس بما يعتريه من ترك التحفظ من النجاسات والأقذار، وحكم الكافر في ذلك كالمسلم، وأما قوله (إنما المشركون نجس) فالمراد به نجاسة اعتقادهم أو لأنه يجب أن يتجنب عنهم كما يتجنب عن الأنجاس أو لأنَّهم لا يتطهرون ولا يتجنبون عن النجاسات فهم ملابسون لها غالبًا، وما روي عن ابن عباس أن أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير وبه قال ابن حزم، وعن الحسن البصري: مَن صافحهم فليتوضأ؛ عورض بحل نكاح الكتابيات للمسلم ولا تسلم مضاجعتهن من عرقهن ومع ذلك لم يجب مِن غَسلهن إلَّا مثل ما يجب من غسل المسلمات، أو محمول على المبالغة في التبعد عنهم والاحتراز منهم فدل هذا الحديث على أن الآدمي ليس بنجس العين إذ لا فرق بين الرجال والنساء، بل يتنجس بما يعرُض له من خارج.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٢٣٥ و ٣٨٢] والبخاري [٢٨٣] وأبو داود [٢٣١] والترمذي [٢٢٢] والنسائي [١/ ١٤٥] وابن ماجه [٥٣٤] وسنداه من خماسياته الأول منهما رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان بصريان وواحد نسائي، والثاني منهما رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان بصريان وواحد كوفي.
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما فقال:
٧١٩ - (٣٣٤)(١٨٠)(١٤٤)(وحدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم الكوفي ثقة، من (١٠) قال أبو زرعة: ما رأيت أحفظ منه، وقال نفطويه: اجتمع في مجلسه نحو ثلاثين ألفًا، قال البخاري: مات سنة (٢٣٥) روى عنه في (١٦) بابا (وأبو كريب) محمد بن العلاء بن كريب الهمداني الكوفي ثقة، من (١٠) قال ابن عقدة: ظهر له بالكوفة ثلاثمائة ألف حديث، قال البخاري: مات سنة