وواحد نيسابوري، وغرضه بسوقه بيان متابعة ابن جريج لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن الزهري، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما بين الروايتين من المخالفة.
(قال) عبد الله بن عمر (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال القرطبي: زعم بعض من لقيناه من الفقهاء أن (كان) متى استعملت في رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزمها الدوام والكثرة، قال: بحكم عرفهم، والشأن في نقل هذا العرفُ وإلا فأصلها أن تصدق على من فعل الشيء مرة واحدة، ونحن على الأصل حتى ينقل عنه اهـ.
(إذا قام للصلاة) أي شرع فيها (رفع يديه حتى تكونا) أي تكون الكفان (حذو منكبيه) أي مقابلهما بفتح الميم وكسر الكاف تثنية منكب؛ وهو مجمع عظم العضد والكتف، وبهذا أخذ الشافعي والجمهور خلافًا للحنفية حيث أخذوا بحديث مالك بن الحويرث التالي بهذا الحديث (ثم) بعد رفع اليدين (كبر) للإحرام (فإذا أراد أن يركع) أي أن ينحني للركوع (فعل مثل ذلك) أي مثل ما ذكرناه من رفع اليدين حذو المنكبين (وإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك) المذكور من رفع اليدين حذو المنكبين (ولا يفعله) أي لا يفعل رفع اليدين (حين يرفع رأسه من السجود) ولا حين يهوي له.
وروي أن الحكمة في رفع اليدين عند الإحرام وغيره هي أن المنافقين كانوا يصلون في المسجد وأصنامهم تحت آباطهم فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك رفع يديه فرفع الصحابة رضي الله عنهم خلفه ورفع المنافقون معهم فسقطت أصنامهم من تحت آباطهم فخرجوا من المسجد ولم يعودوا بعد ذلك فهو من الأحكام التي انتفت علتها وبقي حكمها كالهرولة في السعي والرمل في الطواف. اهـ من بعض الهوامش.
وفي الطحْطَاوي على مراقي الفَلاح: والحكمة في الجمع بين رفع اليدين والتكبير إعلام المعذورين من الأصم والأعمى اهـ، قال (ع): قال بعض المتكلمين: وحكمة ابتداء الصلاة بالتكبير أنه حمد الله على الهداية للتوحيد والعبادة وامتثال ما أمر به وحض عليه في قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ} ثم طابق ذلك أول ما يستفتح به