(أغفى إغفاءة) أي أخذته سنة؛ وهي النوم الذي في العين، وهذه الحالة التي كان يوحى إليه صلى الله عليه وسلم فيها غالبًا اهـ (ثم رفع رأسه) من الأرض، حالة كونه (متبسمًا) أي مظهرًا مقدم أسنانه بلا صوت (فقلنا) معاشر الحاضرين عنده (ما أضحكك) أي أيُّ شيء تسبب في ضحكك وتبسمك (يا رسول الله) قال الأبي: وعبروا بالضحك عن التبسم لأن التبسم منه صلى الله عليه وسلم معروف فعبروا عنه بالضحك اهـ.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب استفهامهم سبب ذلك أني (أنزلت علي آنفًا) أي الآن أي في هذا الزمن الحاضر، وهو بالمد ويجوز القصر فيه في لغة قليلة وقد قرئ به في السبع أي أنزلت علي في هذه الساعة القريبة (سورة) كريمة فيها بشارة عظيمة (فقرأ) علينا ({بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) إِنَّا أَعْطَينَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)}) أي مبغضك يعني العاص بن وائل لأنهم قالوا أنزلت فيه، وقيل في أبي لهب (هو الأبتر) أي المقطوع عن كل خير لا أنت كما قال المبغض لك، قال النواوي: الشانئ المبغض، والأبتر هو المنقطع العقب، وقيل المنقطع عن كل خير (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن عنده (أتدرون) أي هل تعلمون (ما) هو (الكوثر) أي جواب هذا الاستفهام (فقلنا) له (الله ورسوله أعلم) بحقيقته لأن ما يسأل بها عن الحقيقة، والكوثر هنا نَهْرٌ في الجنَّةِ كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في موضع آخر عبارة عن الخير الكثير (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإنه) أي فإن الكوثر (نهر) كبير في الجنة (وعدنيه ربي عزَّ وجلَّ) أي وعدني إعطاءه إياي يوم القيامة، والفاء في قوله فإنه فاء الفصيحة لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا أردتم معرفة حقيقته وسألتمونيه عنه فأقول لكم إنه نهر وعدنيه ربي عزَّ وجلَّ (عليه) أي على ذلك النهر (خير كثير) أي كيزان بعدد نجوم السماء (هو) أي ذلك النهر (حوض) أي مُستمَدٌّ حوضٍ أو هو نَفْسُه حوضٌ كما هو ظاهر العبارة (ترد