الجميع مأمورًا به أي تكلم الرجل بهذا الكلام، وغرضه بهذا الكلام مدح الصلاة. وعبارة المفهم هنا قوله (أقرت الصلاة) أي قرنت والباء بمعنى مع أي قرنت مع البر والزكاة فصارت معهما مستوية في أحكامهما وتأكيدهما، ويحتمل أن يراد بالبر هنا المبرة، والزكاة الطهارة؛ ويكون المعنى أن من داوم على الصلاة بر وتطهر من الآثام والله أعلم.
ومعنى الكلام حينئذٍ اصطحبت الصلاة وقرنت بالأجر والثواب والطهارة من الذنوب ولم يأمره أبو موسى بإعادة الصلاة لأن ذلك ذكر، وفي العتبية: فيمن سمع الإمام يقول: قل هو الله أحد فقال: صدق الله ورسوله، قال: لا شيء عليه لأنه ذكر اهـ أبي.
(قال فلما قضى أبو موسى الصلاة) وفرغ منها (وسلم انصرف) أي التفت وأقبل على الجماعة المقتدين به (فقال) لهم (أيكم القائل كلمة كذا وكذا) كناية عن الكلمة التي قالها الرجل (قال) حطان بن عبد الله (فأرم القوم) أي سكتوا ولم يجيبوا له، وفي القاموس: أرم بفتح الراء وتشديد الميم سكت وهو المعروف، ويروى (فأزم القوم) بالزاي المنقوطة ومعناهما واحد وهو السكوت أي لم ينطقوا بشيء ولا حركوا مَرمّاتِهم وهي شِفاههم؛ والشفة هي المِرَمّةُ والمِقَمَّةُ وبالزاي من الزَّمِّ أي لم يَفْتَحُوها بكلمةٍ (ثم قال) أبو موسى مرة ثانية (أيكم القائل كلمة كذا وكذا فأرم القوم فقال) لي أبو موسى (لعلك يا حطان قلتها) أي أظنك يا حطان قلت تلك الكلمة، وتخصيصه حطان لعله لما يعلم من جسارته، وقد علم أنه يخصه بالسؤال لقوله لقد رهبت (قال) حطان (ما قلتها) أي لم أقلها أنا يا أبا موسى (و) الله (لقد رهبت) وخفت أنا (أن تبكعني) بفتح أوله وثالثه من باب فتح لأنه حلقيُّ اللام أي أن تستقبلني بمكروه (بها) أي بسبب تلك الكلمة؛ أي لقد خفت أن تقول لي كلامًا غليظًا لو قلت أنا قلتها كالسب لي، يقال بكعت الرجل بكعًا من باب فتح إذا استقبلته بما يكره وهو بمعنى التبكيت والتقريع والتوبيخ ورهبت خفت والرهب الخوف، وفي القاموس بكعه استقبله بما يكره، قال حطان كما في رواية أبي داود (فقال) له (رجل من القوم) الحاضرين (أنا قلتها) أي قلت تلك الكلمة (ولم أرد)