بِهَا إِلَّا الْخَيرَ. فَقَال أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيفَ تَقُولُونَ فِي صَلاتِكُمْ؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا وَعَلَّمَنَا صَلاتَنَا. فَقَال:"إِذَا صَلَّيتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ. ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ. فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا
ــ
بضم الهمزة أي ولم أقصد (بها) أي بتلك القولة (إلا الخير) وهو مدح الصلاة (فقال أبو موسى أما) بهمزة الاستفهام التقريري الداخلة على ما النافية أي ألا (تعلمون) مفسدات صلاتكم (كيف تقولون) مثل هذه المقولة (في صلاتكم) فإن التكلم بمثل هذه الكلمات مفسد للصلاة فـ (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا) أي ذكَّرنا بذكر الوعد والوعيد في أيام حياته (فبين لنا سنتنا) أي طريقنا من الدين (وعلمنا صلاتنا) أي فرائضها وشروطها ومبطلاتها (فقال) في تعليمنا (إذا صليتم) أي أردتم الصلاة بالجماعة (فأقيموا) أي سووا (صفوفكم) أمر بإقامة الصفوف، وهو من سنن الصلاة بلا خلاف لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: "فإن تسوية الصف من تمام الصلاة" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث أنس رضي الله عنه، وعبارة النواوي: أمر بإقامة الصفوف وهو مأمور به بإجماع الأمة وهو أمر ندب والمراد تسويتها والاعتدال فيها وتتميم الأول فالأول منها والتراص فيها اهـ.
(ثم ليؤمكم أحدكم) اختلفوا في أنه أمر ندب أو إيجاب على أربعة أقوال قاله ابن رسلان، وعبارة النواوي هنا: فيه الأمر بالجماعة في المكتوبات ولا خلاف في ذلك ولكن اختلفوا في أنه أمر ندب أم إيجاب على أربعة مذاهب، والراجح في مذهبنا وهو نص الشافعي رحمه الله تعالى وقول أكثر أصحابنا: أنها فرض كفاية إذا فعله من يحصل به إظهار هذا الشعار سقط الحرج عن الباقين وإن تركوه كلهم أثموا كلهم، وقالت طائفة من أصحابنا: هي سنة، وقال ابن خزيمة من أصحابنا: هي فرض عين لكن ليست بشرط في الصلاة فمن تركها وصلى منفردًا بلا عذر أثم وصحت صلاته، وقال بعض أهل الظاهر: هي شرط لصحة الصلاة، وقال بكل قول من الثلاثة المتقدمة طوائف من العلماء وتأتي المسألة في بابها إن شاء الله تعالى (فإذا كبر) أي الإمام أي فرغ من تكبيره (فكبروا) أيها المأمومون بفاء التعقيب فلو كبر وقد بقي من إحرام الإمام حرف لم يصح الاقتداء بلا خلاف قاله ابن رسلان.
وفي المفهم: قوله (فإذا كبر فكبروا) يقتضي أن تكبير المأموم لا يكون إلا بعد