وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [٣/ ١٦٢] والبخاري [٣٨٩] وأبو داود [٦٠٣ و ٦٠٤] والنسائي [٢/ ١٤١ - ١٤٢].
قال القرطبي: قوله (فصلى جالسًا وصلينا وراءه جلوسًا) يعارضه حديث عائشة الآتي وفيه إنهم صلوا قيامًا فأشار إليهم أن اجلسوا، وجه الجمع بينهما أنه كان منهم من صلى جالسًا فأخبر عنه أنس، وكان فيهم من صلى قائمًا فأخبرت عنه عائشة. واختلف هل كان ذلك في صلاة الفرض أو النفل؟ والظاهر أنه كان في صلاة الفرض لقوله فحضرت الصلاة وهي للعهد ظاهرًا، ولما تقرر من عادتهم أنهم ما كانوا يجتمعون للنوافل، وقد أشار ابن القاسم إلى أن ذلك كان في النافلة وليس بظاهر لما ذكر.
ثم اختلف العلماء في الاقتداء بالإمام الجالس على ثلاثة أقوال: أولها قول أحمد بن حنبل ومن تابعه وهو أنه يجوز صلاة الصحيح جالسًا خلف المريض جالسًا متمسكًا بهذا الحديث. وثانيها: قول الشافعي وأبي حنيفة وأبي يوسف وزفر والأوزاعي وأبي ثور وداود وهو أنه يجوز أن يقتدي القائم بالقاعد في الفريضة وغيرها، وقد رواها الوليد بن مسلم عن مالك متمسكين بحديث عائشة الآتي، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم كان الإمام، وأن حديث أنس متقدم وهو منسوخ بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه وبأن كل واحد عليه أن يصلي كما يقدر عليه. وثالثها: قول مالك في المشهور عنه وعن أصحابه أنه لا يجوز أن يؤم أحد جالسًا وإن كان مريضًا بقوم أصحاء قيام ولا قعود وإليه ذهب محمد بن الحسن متمسكين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَؤُمّنَّ أحدٌ بعدي قاعدًا" رواه الدارقطني [١/ ٣٩٨] وهذا الحديث ذكره الدارقطني من حديث جابر بن يزيد الجعفي وهو متروك عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك وهو مرسل، وقد رواه مجالد عن الشعبي، ومجالد ضعيف، وفي حديث أنس دليل لمالك وعامة الفقهاء على ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام وترك مخالفته له في نية أو غيرها اهـ مفهم.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال: