أحمد ومالك، وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى جوازه وقالا: هذا الحديث منسوخ بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرض موته قاعدًا وأبو بكر والناس خلفه قائمين ولم يأمرهم بالقعود اهـ ابن الملك.
قال النواوي: وفي أحاديث الباب وجوب متابعة المأموم لإمامه في التكبير والقيام والركوع والسجود وأنه يفعلها بعد الإمام فيكبر تكبيرة الإحرام بعد فراغ الإمام منها فإن شرع فيها قبل فراغ الإمام منها لم تنعقد صلاته، ويركع بعد شروع الإمام في الركوع وقبل رفعه منه فإن قارنه أو سبقه فقد أساء ولكن لا تبطل صلاته، وكذا السجود، ويسلم بعد فراغ الإمام من السلام فإن سلم قبله بطلت صلاته إلا أن ينوي المفارقة ففيه خلاف مشهور، وإن سلم معه لا له ولا بعده فقد أساء ولا تبطل صلاته على الصحيح، وقيل تبطل.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا" فاختلف العلماء فيه كما مر عن القرطبي فقالت طائفة بظاهره وممن قال به أحمد والأوزاعي، وقال مالك في رواية: لا تجوز صلاة القادر على القيام خلف القاعد لا قائمًا ولا قاعدًا، وقال أبو حنيفة والشافعي وجمهور السلف: لا يجوز للقادر على القيام أن يصلي خلف القاعد إلا قائمًا، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرض موته بعد هذا قاعدًا وأبو بكر والناس خلفه قياما، وإن كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر كان هو الإمام وقد ذكره مسلم بعد هذا الباب صريحًا أو كالصريح فقال في روايته عن أبي بكر بن أبي شيبة بإسناده عن عائشة قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسًا، وأبو بكر قائمًا، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم فإنما جعل الإمام ليؤتم به فمعناه عند الشافعي وطائفة في الأفعال الظاهرة وإلا فيجوز أن يصلي الفرض خلف النفل وعكسه والظهر خلف العصر وعكسه، وقال مالك وأبو حنيفة وآخرون: لا يجوز ذلك، وقالوا: معنى الحديث ليؤتم به في الأفعال والنيات، ودليل الشافعي وموافقيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ببطن نخل صلاة الخوف مرتين بكل فرقة مرة فصلاته بالثانية وقعت