للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَرَآنَا قِيَامًا. فَأَشَارَ إِلَينَا فَقَعَدْنَا. فَصَلَّينَا بِصَلاتِهِ قُعُودًا. فَلَمَّا سَلَّمَ قَال: "إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ. يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ. فَلَا تَفْعَلُوا. ... ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ. إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا. وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا"

ــ

وَرَائِهِ ما كانت على الدوام والله أعلم اهـ سندي.

(فرآنا) أي فأبصرنا حالة كوننا (قيامًا) أي قائمين (فأشار إلينا) رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقعود (فقعدنا) خلفه (فصلينا) مقتدين (بصلاته) صلى الله عليه وسلم حالة كوننا (قعودًا) أي قاعدين (فلما سلم) صلى الله عليه وسلم من صلاته (قال) لنا (إن كدتم) إن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن ولهذا دخلت اللام في خبرِها، وهو جملةُ كاد وخبرِها فرقًا بينها وبين إن النافية، وقوله (آنفًا) بالمد ظرف زمان بمعنى قريبًا أي قارَبْتُمْ في الزمن القريب يعني في الصلاة ورائي قيامًا (لتفعلون) بي (فِعْلَ فارس والروم) بملوكهم كانوا (يقومون على ملوكهم وهم) أي والحال أن ملوكهم (قعود) أي قاعدون (فلا تفعلوا) ذلك القيامَ عليَّ، قال القرطبي: فيه تنبيه على أن تعليل منعِ القيامِ لِمَا يؤدي إليه من التشبُّه بأفعال المتكبرين، فمُنِعَ لهذا التعليل أن يقوم الرجالُ أو المماليكُ على رؤوسِ الملوك أو الأمراء أو الرؤساء أو العلماء لما يؤدي إليه اهـ مفهم.

قال النواوي: فيه النهي عن قيام الغلمان والتُّبَّاع على رأس متبوعهم الجالس لغير الحاجة، وأما القيام للداخل إذا كان من أهل الفضل والخير فليس من هذا، بل هو جائز قد جاءت له أحاديث فقد قام صلى الله عليه وسلم لجعفر وعكرمة وأسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهم، وقال للأنصار رضي الله عنهم: قوموا إلى سيدكم وأطبق عليه السلف والخلف وعمم بعضهم النهي في الجميع إذا كان للتعظيم وهو ظاهر مذهب مالك رحمه الله تعالى (ائتموا) أي اقتدوا (بأئمتكم) في أفعال الصلاة (إن صلى) الإمام (قائمًا فصلوا قيامًا) أي قائمين (وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا) فتابعوهم في القيام والقعود فلا تفعلوا فعل فارس والروم مع أئمتكم فإنهم يقومون لعظمائهم وهم جلوس يعني أن القيام مع قعود الإمام يشبه تعظيم الإمام فيما شرع لتعظيم الله وحده فلا يجوز ولا يخفى دوام هذه العلة فينبغي أن يدوم هذا الحكم، فالقول بنسخه كما عليه الجمهور خفي جدًّا والله تعالى أعلم اهـ سندي على النسائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>