ينتظرونك) أي ينتظرون خروجك إليهم (يا رسول الله) لتُصلي بهم، ففيه دليل على أن الإمام إذا تأخر عن أول الوقت ورُجي مجيئه على قرب يُنتظر ولا يتقدم غيره كما مر (فقال: ضعوا لي ماء في المخضب) مرة ثانية (ففعلنا فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأُغمي عليه، ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: ضعوا لي ماء في المخضب) مرة ثالثة (ففعلنا فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأُغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله) قال النواوي: وفي قوله (فاغتسل) دلالة على استحباب الغسل من الإغماء، وإذا تكرر الإغماء استحب تكرر الغسل لكل مرة فإن لم يغتسل إلا بعد الإغماء مرات كفى غسل واحد، وقد حمل القاضي عياض الغسل هنا على الوضوء من حيث إن الإغماء ينقض الوضوء، ولكن الصواب أن المراد بالغسل هنا غسل جميع البدن فإنه ظاهر اللفظ ولا مانع يمنع منه فإن الغسل مستحب من الإغماء بل قال بعض أصحابنا واجب وهذا شاذ ضعيف اهـ. وقال بعضهم: والإغماء من الأمراض الحسية التي تجوز على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بخلاف الجنون فإنه لا يجوز عليهم لأنه نقص كما مر. قال (ب): قد استعاذ صلى الله عليه وسلم من البرص والجنون فيحمل على أنه تعليم للخلق اهـ:
(قالت) عائشة (والناس عكوف) أي جلوس (في المسجد) مجتمعون فيه ملتزمون له، وأصل الاعتكاف اللزوم والحبس، والعكوف كالقعود يستعمل مصدرًا وجمعًا وهو هنا جمع العاكف، حالة كونهم (ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي خروجه إليهم (لـ) يصلي بهم (صلاة العشاء الآخرة) هي صلاة العشاء المعلومة التي كانوا يسمونها العتمة، ومن المغرب إلى العتمة يسمى عشاء ويقال العشاءان المغرب والعتمة، وفي هذا دليل على صحة قول الإنسان العشاء الآخرة، وقد أنكره الأصمعي والصواب