للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَال: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ" قَال أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ لابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَينَ يَدَي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَا لِي رَأَيتُكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ؟ مَنْ نَابَهُ شَيءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ. فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيهِ. وَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ"

ــ

الخصوصية خلافًا للمالكية، وفيه جواز إحرام المأموم قبل الإمام وأن المرء قد يكون في بعض صلاته إمامًا وفي بعضها مأمومًا اهـ قسطلاني.

(ثم انصرف) رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة (فقال: يا أبا بكر ما منعك) أي أي شيء منعك وأي سبب حجزك من (أن تثبت) في مكانك (إذ) أي حين (أمرتك) بالثبات في مكانك فـ (قال أبو بكر) رضي الله عنه (ما كان) ينبغي (لابن أبي قحافة) بضم القاف وتخفيف الحاء وبعد الألف فاء عثمان بن عامر أسلم في يوم الفتح وتوفي سنة أربع عشرة في خلافة عمر رضي الله عنهم أجمعين، وعبر بذلك دون أن يقول ما كان لي أو لأبي بكر تحقيرًا لنفسه واستصغارًا لمرتبته (أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي قدامه إمامًا به (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) للناس (ما لي) أي أي شيء ثبت لي حالة كوني (رأيتكم) وأبصرتكم، حالة كونكم (أكثرتم التصفيق) أي ضرب إحدى اليدين بالأخرى حتَّى يظهر الصوت فلا تفعلوا ذلك في صلاتكم لأنه عمل يبطل الصلاة إذا كثر، ولكن (من نابه) أي أصابه (شيء) يحتاج فيه إلى إعلام الغير (في صلاته فليسبح) أي فليقل سبحان الله بقصد الذكر فقط أو مع الإعلام (فإنه) فإن ذلك المصلي الَّذي نابه شيء في صلاته (إذا سبح) أي قال سبحان الله (التفت إليه) بضم المثناة الفوقية مبنيًّا للمفعول أي التفت إليه من سمع تسبيحه (وإنما التصفيح للنساء) زاد الحميدي والتسبيح للرجال، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف والجمهور، وقال أبو حنيفة ومحمد: متى أتى بالذكر جوابًا بطلت صلاته، وإن قصد به الإعلام بأنه في الصلاة لم تبطل فحملا التسبيح المذكور على قصد الإعلام بأنه في الصلاة، وحملا قوله من نابه شيء على نائب مخصوص وهو إرادة الإعلام بأنه في الصلاة، والأصل عدم هذا التخصيص لأنه عام لكونه نكرة في سياق الشرط فيتناول كلا منهما فالحمل على أحدهما من غير دليل لا يصار إليه لا سيما التي هي سبب الحديث لم يكن القصد فيها إلَّا تنبيه الصديق على حضوره صلى الله عليه وسلم فأرشدهم صلوات الله عليه وسلامه إلى أنَّه كان حقهم عند هذا النائب التسبيح، ولو خالف الرجل

<<  <  ج: ص:  >  >>