تُسْألُ عَنْ أَمْر لَيسَ عنْدَكَ فيه علْمٌ؟ ! فَقَال: أَعْظَمُ منْ ذَلكَ وَالله عنْدَ الله وَعنْدَ مَنْ عَقَلَ عَن الله أَنْ أَقُولَ بغَير علْم، أَوْ أُخْبرَ عَنْ غَير ثقَة،
ــ
القاسم هذا هو ابنُ عُبَيد الله بن عبد الله بن عُمر بن الخطاب فهو ابنُهما، وأُمُ القاسم هي أُمُّ عبد الله بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فأبو بكر جَده الأعلى لأُمه، وعُمَرُ جَده الأعلى لأبيه، وابنُ عُمَرَ جَده الحقيقي لأبيه، رضي الله تعالى عنهم أجمعين) اهـ (١).
وجملةُ قوله:(تُسْألُ) أنتَ يا قاسمُ، -وفيه التفاتٌ أو (مثْلُ) مقحمٌ- (عن أمْر) أي: عن حُكْم من أحكام هذا الذين (ليس عندَك) يا قاسمُ (فيه) أي: في ذلك الأمْر (علْمٌ) ومعرفة بذلك الأمر: خبر ليس، والمعنى: أقسمتُ بالله! إني لأَعُدُّ وأحْسبُ عَيبًا وعارًا قبيحًا أنْ يكونَ مثْلُك مسؤولًا عن أمرٍ ليس عنده فيه علْمٌ فتجهل؛ أي: كَوْن مثْلك مسؤولًا عن أمْر هذا الذين فجاهلًا فيه، وقيل:(المثْلُ) مُقْحَمٌ في قوله: (أنْ يكونَ مثْلُكَ) نظير قوله تعالى: {لَيسَ كَمثْله شَيءٌ}، والمعنى عليه واضح، أي: والله إني لأُعْظمُ أنْ تكونَ مسؤولًا عن أمْر هذا الذين فتجهل فيه والحالُ أنك ابنُ إمامَي الهُدى والشريعة.
(فقال) القاسمُ ليحيى: (أَعْظَمُ من ذلك) الذي قُلْتَ عيبا وأشَد عَارًا (والله عندَ الله) سبحانه وتعالى (وعنْدَ مَنْ عَقَل) وعَرَفَ معرفةَ صادرةً (عن الله) سبحانه وتعالى، وقولُه:(أَعْظَمُ) مبتدأٌ أو خبرٌ مُقَدمٌ للمصدر المُنْسَبك من جملة قوله: (أنْ أقولَ بغير علْم) أي: أَعْظَمُ من ذلك الذي قُلْتَ عقوبةً عند الله تعالى وأشَد عارًا عندَ مَنْ عَقَل عن الله تعالى قولي وجوابي عن ذلك الأمر الذي سُئلْتُ عنه بغير شبهة علْم ولا مُسْتَنَد دليل؛ أي: جوابي عنه برَأْيٍ مَحْضٍ وظَن لا مُسْتَنَدَ له.
(أو أُخْبِرَ) في جواب سؤال ذلك الأمر بشبهة علم صادرةٍ (عن غير ثقَة) مأمونٍ وعَدْل ضابطٍ موثوقٍ؛ لأن في الأول إنشاءَ أمْرٍ لم يكن من الذين، وفي الثاني كَذبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما أشَد عقوبةً عند الله تعالى وأعْظَمُ عارًا عند