للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَصَلَّى لَهُمْ، فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى الرَّكْعَتَينِ. فَصَلَّى مَعَ الناسِ الرَّكْعَةَ الأَخِيَرَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُتِمُّ صَلاتَهُ. فَأَفْزَعَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ. فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ. فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ صَلاتَهُ أَقْبَلَ عَلَيهِمْ ثُمَّ قَال: "أَحْسَنْتُمْ"، أَوْ قَال "قَدْ أَصَبْتُمْ" يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلُّوُا الصَّلاةَ لِوَقْتِها

ــ

(فصلى) عبد الرحمن إمامًا (لهم) بتقديمهم إياه لإمامتهم برضاهم جميعًا (فأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم) معهم (إحدى الركعتين) من صلاة الفجر (فصلى مع الناس الركعةَ الأَخِيرَةَ) لهم، وهذا تفسير للإدراك المذكور قبله (فلما سلم عبد الرحمن بن عوف) من صلاته بهم (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم) حالة كونه (يتم صلاته) أي الركعة الباقية عليه من صلاته وهي الركعة الأخيرة له (فأفزع ذلك) أي أوقع فعل الصلاة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم (المسلمين) في الفزع والخوف والرعب (فأكثروا التسبيح) بعد سلامهم من الصلاة لما رأوا من قيام النبي صلى الله عليه وسلم بعد سلامهم، هل كان ذلك لأمر حدث في الصلاة من نحو الزيادة فيها ظنًّا منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم مدرك غير مسبوق (فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم) وأتم (صلاته أقبل عليهم) بوجهه الشريف (ثم قال) لهم (أحسنتم) بالصلاة في أول وقتها لتسكين ما بهم من الفزع، وقوله (أو قال) النبي صلى الله عليه وسلم لهم (قد أصبتم) أي وافقتم الصواب في عملكم الصلاة في أول وقتها شك من الراوي حالة كونه (يغبطهم) ويمنيهم (أن صلوا) بفتح اللام لأنه ماض معتل أي أن أوقعوا (الصلاة لوقتها) أي في أول وقتها، وقال ابن الأثير (يغبطهم) روي بالتشديد أي يحملهم على الغبطة والتمني لذلك ويجعل هذا الفعل عندهم مما يغبط فيه، وروي بالتخفيف من باب ضرب فيكون قد غبطهم أي قد غبط وتمنى كونه منهم لتقدمهم وسبقهم إلى الصلاة اهـ وذكره الزرقاني أيضًا في شرح الموطأ.

قال القاضي: فيه المبادرة لفضيلة أول الوقت، وأن الإمام لا يُنْتَظر إذا عُلِمَ بُعْدُه وعُذْرُه، وفيه فضيلة عبد الرحمن لتقديمهم إياه، وفيه إمامة المفضول لإقراره له بقوله دعه، وقد يكون إقراره له ليبين لهم وجه العمل في المسبوق وإن كان قد بينه بقوله فلعله أراد أن يبينه أيضًا بفعله اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>