روى عن نافع ونعيم بن عبد الله وابن المُنكَدر وغيرهم، ويروي عنه (ع) والزُّهْري ويحيى الأنصاري وشعبةُ والثوريُّ.
وقال في "التقريب": من السابعة، بلغ تسعين سنةً، ومات سنة تسعٍ وسبعين ومائة، ودُفن بالبقيع.
(و) سألتُ سفيانَ (بنَ عُيَينةَ) بن ميمون الهلالي أبا محمدٍ الأعورَ الكوفي ثم المكي، من الطبقة الثامنة، مات في رجب سنة ثمانٍ وتسعين ومائة، وله إحدى وتسعون سنة.
أي: قال يحيى بن سعيدٍ القطَّانُ: سألتُ هؤلاء الأئمّةَ الأربعةَ كُلهم عَمَّا أقولُ في جواب مَنْ سَألَني (عن) حال (الرجل) أي: عن حال الشخص الذي (لا يكون ثَبْتًا) متْقنًا (في) علْم (الحديث، فيأتيني الرجلُ) الآخَرُ (فيسألُني) ذلك الآخَرُ (عنه) أي: عن حال الرجل الأول هل هو ثَبْت في الحديث أم لا، فماذا أُخبر السائل؟ هل أكشفُ عن حاله نصيحةً للدّين، أم أستره خَوْفًا من الوقوع في الغيبة؟ (قالوا) أي: قال كُل من هؤلاء الأئمة الأربعة لي: (أَخْبر عنه) أي: أَخْبر السائل عن حال ذلك الرجل الضعيف، وبَيِّن له منزلتَه في علْم الحديث، واكْشفْ له عن حاله بقَصْد النصيحة والذبِّ عن الدِّين، لا بقَصْد الغيبة وإظهار معايبه، وأخْبرْهُ (أنّه) أي: أن ذلك الرجلَ المسؤولَ عنه (ليس بثَبْتٍ) ولا قَوي ولا مُتْقنٍ في الحديث لينْكَفَّ عن الرواية عنه.
قال القرطبي:(وفُتْيا سفيان الثوْري ومَنْ بعدَه هي التي يَجبُ العملُ بها، ولا يختلفُ المسلمون في ذلك، وحاصلُه: أن ذكْرَ مساوئ الراوي والشاهد القادحَة في عدالتهما وفي روايتهما أمْر ضروري فيَجبُ ذلك؛ فإنه إنْ لم يُفْعَلْ ذلك .. قُبلَ خَبَرُ الكَذَاب وشهادةُ الفاسق، وغُشَّ المسلمون، وفَسَدَت الدنيا والدِّين، ولا يُلْتَفَتُ لقَوْل غَبيٍّ جاهلٍ يقول: ذلك غيبة؛ لأنها وإنْ كانت من جنس الغيبة فهي واجبة بالأدلّة القاطعة والبراهين الصادعة، فهي مستثناةٌ من تلك القاعدة للضرورة الداعية)(١).