للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَقُولُ: "اسْتَوُوا وَلا تَخْتَلِفُوا، فَتَختَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُوْلُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ"

ــ

استوت كبروا اهـ (و) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول) لنا (استووا) صفوفكم وعدلوا مناكبكم (ولا تختلفوا) بمناكبكم بالتقدم والتأخر (فتختلف قلوبكم) بالفتن كما وقع بعد، قاله الأبي. والمناكب جمع منكب وهو ما بين الكتف والعضد، ويقول أيضًا (ليلني منكم) أي ليكن واليًا متصلًا بي قريبًا مني (أولو الأحلام والنهى) أي أصحاب البلوغ والعقل أي البالغون العقلاء، والأحلام والنهى بمعنى واحد وهي العقول واحدها نهية لأنه ينهى صاحبه عن الرذائل وإنما خص صلى الله عليه وسلم هذا النوع بالتقديم لأنه الَّذي يتأتى منهم التبليغ وأن يستخلف منهم إن احتاج إليهم، وفي التنبيه على سهو إن طرأ ولأنهم أحق بالتقدم ممن سواهم لفضيلة العلم والعقل اهـ قرطبي. وقوله (ليلني) أمر من الولي وهو القرب أي ليقرب مني فالياء ساقطة للام الأمر، قال النواوي: ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التوكيد اهـ ملا علي.

والمعنى: ليلني أصحاب الألباب والعقول، قال ابن الأثير: والأحلام جمع حلم بالكسر وهي الأناة والتثبت في الأمور وذلك من شعار العقلاء اهـ، فالحلم ليس في الحقيقة هو العقل بل من مسبباته ولهذا فسروا قوله تعالى: {أَمَّ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ} بعقولهم فيسوغ عطف النهي عليه، ومفرد النهي النهية كالمدى جمع المدية سمي بالنهية لنهيه عن القبائح.

قال النواوي: ليلني هو بكسر اللامين وتخفيف النون من غير ياء قبل النون ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التوكيد وأولو الأحلام هم العقلاء وقيل البالغون، والنهى بضم النون العقول فعلى قول من يقول أولو الأحلام العقلاء يكون اللفظان بمعنى فلما اختلف اللفظ عطف أحدهما على الآخر تأكيدًا وعلى الثاني معناه البالغون العقلاء.

(ثم الذين يلونهم) أي الذين يقربون منهم في هذا الوصف، قال الأبي: والأظهر أنَّه على الترتيب في أهل الصف الأول لا في الصفوف اهـ أي يلي إلى جهة الإمام من أهل الصف الأول أولو الأحلام للأسباب السابقة (ثم الذين يلونهم) أي يلون من قبلهم من أهل المرتبة الثانية، وقال بعض الفقهاء: أولو الأحلام والنهى الرجال البالغون، والذين يلونهم الصبيان والذين يلونهم النساء، وهذا إنما يكون في ترتيبهم في الصفوف

<<  <  ج: ص:  >  >>