للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَكَانَ ذلِكَ يُعْرَفُ مِنْهُ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦)} أَخْذَهُ. {إِنَّ عَلَينَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧)}. إِنَّ عَلَينَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ. وَقُرْآنهُ فَتَقْرَأهُ. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨)}. قَال: أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ لَهُ {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}. {إِنَّ عَلَينَا بَيَانَهُ (١٩)}. أَنْ نُبَيِّنهُ بِلِسَانِكَ. فَكَانَ

ــ

أو يقال في الكلام تقديم وتأخير والتقدير كان مما يشتد عليه فيحرك به لسانه، وفي الرواية الأخرى: "كان يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه" وهي واضحة، والمعالجة المحاولة للشيء والمشقة في تحصيله، قال (ع): قوله (كان مما يحرك به لسانه) الأصل في هذه الكلمة كان من شأنه ودأبه، فجعلت ما كناية عن ذلك، ثم أدغمت نون من في ميم ما فجاء مما، وقيل هي بمعنى ربما وهو قريب من الأول لأن رب ترد للتكثير، ومعنى يعالج يلاقي شدة، قال السنوسي: قوله كان مما يحرك هو عبارة عن كثرة التحريك منه حتى كان ذاته من التحريك، فما مصدرية، وقال الكرماني: أي كان العلاج ناشئًا من تحريك الشفتين أي مبدأ العلاج منه أو ما بمعنى من الموصولة وأطلقت على من يعقل مجازًا أي وكان ممن يحرك به لسانه وشفتيه (فكان ذلك) أي اشتداد الوحي عليه (يعرق منه) صلى الله عليه وسلم يعني يعرفه من رآه لما يظهر على وجهه وبدنه من أثره كما قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا اهـ نووي.

(فأنزل الله تعالى {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} قبل أن يتم وحيه {لِتَعْجَلَ بِهِ} أي لتأخذه على عجلة مخافة أن يتفلت منك، حالة كونك تريد (أخذه) ونقله من جبريل بسرعة، ومعنى قوله {إِنَّ عَلَينَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} أي (إن علينا أن نجمعه في صدرك) وقال ابن عباس أيضًا: ومعنى (وقرآنه) فهو مصدر مضاف للمفعول، والفاعل محذوف، والأصل قراءتك إياه؛ أي (فتقرأه {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} أي قرأناه نحن -يريد سبحانه نفسه- عليك {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي: فاتبع قراءتنا إياه (قال) ابن عباس في تفسيره فإذا (أنزلناه فاستمع له) وأنصت، والاستماع الإصغاء، والإنصات السكوت، فقد يستمع ولا ينصت فلهذا جمع بينهما في قوله تعالى: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} فلا يلزم من السكوت الإصغاء؛ أي لا تكن قراءتك مع قراءته بل تابعة لها متأخرة عنها، وقال في تفسير ثم {إِنَّ عَلَينَا بَيَانَهُ} أي إن علينا (أن نبينه بلسانك) أي أن نبين ما أشكل عليك من معانيه (فكان) رسول الله صلى الله عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>