للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَينَ يَدَيهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإنَّهُ يَقْطَعُ صَلاتَهُ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ الأَسْوَدُ".

قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا بَالُ الْكَلْبِ الأَسْوَدِ مِنَ الْكَلْبِ الأَحْمَرِ مِنَ الْكَلْبِ الأَصْفَر؟ قَال: يَا ابْنَ أَخِي، سَألْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَال: "الْكَلْبُ الأسْوَدُ شَيطَانٌ"

ــ

قدر مؤخرة الرحل وهو ثلثا ذراع كما مر البحث عن ذلك، وقوله (مثل آخرة الرحل) تنازَع فيه يَسْترُه، وكان أي فإِنّ الشأن والحال يستره عما يقطع صلاته مثلُ آخرة الرحل إذا كان بين يديه (فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنَّه) أي فإن الشأن والحال (يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود) أي يفسدها أو ينقص أجرها، وآخرة الرحل بالمد وكسر الخاء المعجمة الخشبة التي يستند إليها الراكب من كور البعير كما مر، قال عبد الله بن الصامت (قلت) لأبي ذر (يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود) أي ما شأنه الذي مَيَّزه وخصَّه (من الكلب الأحمر) وخصَّه (من الكلب الأصفر) حيث يبطل الصلاة بمروره بين يدي المصلي (قال) أبو ذر (يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (الكلب الأسود شيطان) سمي شيطانًا لكونه أعقر الكلاب وأخبثها وأقلها نفعًا وأكثرها نعاسًا.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [٥/ ١٥١] وأبو داود [٧٠٢] والترمذي [٣٣٨] والنسائي [٢/ ٩٣] وابن ماجه [٩٥٢].

قال القرطبي: تمسك بظاهر هذا الحديث طائفة من أهل العلم، وقال ابن حنبل: يقطع الصلاة الكلب الأسود، وفي قلبي من الحمار والمرأة شيء، وذهب الجمهور إلى أنه لا يقطع الصلاة مرور شيء بين يدي المصلي لا هذه المذكورات ولا غيرها متمسكين بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقطع الصلاة شيء" رواه أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري، وهذا مُعيَّنٌ لِتخصُّصِه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى وبينه وبين القبلة عائشة وبمرور حمار ابن عباس بين يدي بعض الصف فلم يُنْكِر ذلك عَلَيه أحدٌ، وبأنه عليه الصلاة والسلام لما صلى بمنى ورُكزت له العَنَزة كان الحمار والكلب يمران بين يديه لا يُمْنَعان، وظاهرُ هذا بَينه وبين العَنزةِ، وفي هذه المُعارضةِ نظَرٌ طويلٌ إذا حُقًق ظهرَ به أنه لا يصلُح شيء من هذه الأحاديث لمعارضةِ الحديث الأول اهـ ومَنْ رأَى

<<  <  ج: ص:  >  >>