القَطْعَ بها علَّلهُ بأنَّ الجَمِيعَ في معنى الشيطان الكَلْب بنصِّ الحديث، والمرأةُ من جهة أنها تُقْبِل في صورة شيطان وتُدْبِر كذلك، وأنها مِنْ حبائله، والحمارُ لِما جاء من اختصاص الشيطان به في قصة نوح - عليه السلام - في السفينة، وقيل لما في الجميع من معنى النجاسة فالكَلْبُ الأسودُ شيطان، والشيطانُ نجس، وقد جعَلَه صلى الله عليه وسلم خبيثًا مخبثًا رجسًا نجسًا، والمرأة لما يظهر عليها من الحيف، وقد جاء في حديثِ ابن عباس والحائض مكَان والمرأة، والكلب نجَس العين عند مَنْ يرى ذلك أو لأنه لا يَتوقَّى النجاسةَ، والحمارَ لتحريم أكل لحمه أو كراهتِه ونجاسةِ بوله.
واحتج مالك والأكثر بحديث "لا يقطع الصلاة شيء" وحمل القطع في هذا الحديث على أنه مبالغة في خوف الإفساد بالشَّغْل بها كقوله للمادح "قطعْتَ عُنقَ صاحبك" إذ فعلت به ما يخاف هلاكُه بسببه أو يكون معنى القطع قَطْعَ الإقبالِ عليها والشَّغْلِ بها فالشيطان يوسوس والمرأة تَفْتِنُ والكلب والحمار لِقُبْحِ أَصْواتِهما مع نُفور النفس من الكلاب لا سيما الأسود وخَوْفِ عَادِيَّتهِ والحمارُ لحاجتهِ وقِلَّةِ تَأَتِّيهِ عند دَفْعِه اهـ من الأبي.
قال القرطبي: قوله (الكلب الأسود شيطان) حمله بعض العلماء على ظاهره، وقال: إن الشيطان يتصور بصورة الكلاب السُّود ولأجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اقتلوا منها كل أسود بهيم" رواه أحمد من حديث عبد الله بن مغفل، وقيل لما كان الكلب الأسود أشد ضررًا من غيره وأشد ترويعًا كان المصلي إذا رآه اشتغل عن صلاته فانقطعت عليه لذلك وكذا تأول الجمهور قوله يقطع الصلاة المرأة والحمار فإن ذلك مبالغة في الخوف على قطعها وإفسادها بالشغل بهذه المذكورات وذلك أن المرأة تفتن والحمار يَنْهَقُ والكلبُ يروعُ فيتشوَّش المتفكرُ في ذلك حتى تنقطع عليه الصلاة وتفسُد فلما كانت هذه الأمورُ تُفِيد أَيِلَةَ إلى القطع جَعَلها قاطعةَ كما قال للمادح "قطعت عنق أخيك" رواه أحمد من حديث أبي بكرة أي فعلت به فعلًا يخاف فيه هلاكه كمن قطع عنقه، وقد ذهب ابن عباس وعطاء إلى أن المرأة التي تقطع الصلاة إنما هي الحائضُ لِمَا تَسْتَصحِبه من النجاسة.
وقد نَصَّ الإمام النواوي أن هذه الأمور لا تُبطل الصلاة، وأن المراد بالقطع القَطْعُ