المشارق، قال القاضي عياض: ذكر الواقدي أنه صلى الله عليه وسلم اشتراه من ابن عفراء بعشرة دنانير نقدها عنه أبو بكر رضي الله عنه وهذا لأنه كان ليتيمين فلم يقبله إلا بالثمن، قال الأبي: اليتيمان هما سهل وسهيل ابنا عمرو، وكانا في حجر معاذ ابن عفراء، قال القاضي: وفيه اتخاذ المساجد وهو فرض على قوم استوطنوا موضعًا لأن الجمعة فرض عليهم وشرطها الجامع على المشهور، وصلاة الجماعة سنة وسنتها الجامع وإقامة السنن الظاهرة واجبة على أهل المصر لأنها لو تركت ماتت، والمخاطب بنصب المسجد الإمام وعليه يدل الحديث وإلا فعلى الجماعة، وكذا على الإمام أن يجري الرزق لإمام المسجد وإلا فعلى الجماعة، والواجب اتخاذ مسجد واحد فإن كفى للجماعة والجمعة فذاك وإن لم يكن فالظاهر أن اتخاذ مسجد ثان مندوب إليه لأن فرض إقامة السنة سقط بالأول وهو في ذلك كالأذان فرض على أهل المصر، سنة في مساجد الجماعات، وفي المدونة: والمسجد وقفٌ لا يورث إذا كان صاحبه قد وقَفَه للناس، وأَكْرَهُ أن يَبْنِيَ فوقهُ بيتًا لا تحته اهـ أبي.
(قال أنس) بن مالك رضي الله عنه (فكان فيه) أي في ذلك الحائط (ما أقولـ) ـه وأذكره لكم بقولي (كان فيه) أي في ذلك الحائط (نخل وقبور المشركين وخرب) على وزان كلم جمع خربة على وزن كلمة أو على وزن عنب جمع خربة على وزن عنبة وهو ما تخرب وتهدم من البناء وبقي رسومها، قال النووي: أمر بها فرفعت رسومها وسويت مواضعها لتصير جميع الأرض مشوطة مستوية للمصلين وكذلك فعل بالقبور اهـ.
(فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنخل) أي بقطع النخل الذي في الحائط (فقطع) النخل، وفيه دليل على جواز قطع الشجرة المثمرة لحاجةٍ تعرض من بناء محلها أو اتخاذها مسجدًا أو قطعها من بلد الكفر التي لا ترجى أو خوف سقوطها أو ميلها على حائط الغير أو انتشارها عليه (قلت) ومثله سريان عروقها في أرض الغير فإنها تقطع منها تلك العروق كما تقطع الأفراع المنتشرة على حائط الغير اهـ أبي.
(وبـ) نبش (قبور المشركين فنبشت) إنما نبش قبورهم لأنهم لا حرمة لهم، فإن قيل كيف جاز نبشهم وإخراجهم من قبورهم والقبر مختص بمن دفن فيه محتبس عليه قد حازه