في حديث سعد بن أبي وقاص ولم يبلغ ابن مسعود نسخه والله أعلم، وعلى نسخ التطبيق كَافَّةُ العلماء غَيْر من ذكر (قال) الأسود (فلما صلى) ابن مسعود أي فرغ من الصلاة (قال) ابن مسعود (إنه) أي إن الشأن والحال (ستكون) أي سَتُولَّى (عليكم أمراءُ يؤخرون الصلاة عن) أول (ميقاتها) المستحب (ويَخْنقُونها) بضم النون من باب نصر أي يضيقون وقتها ويؤخرون أداءها إلى ذلك الحين، يقال هم في خِنَاقي مِن كذا أي في ضيق منه، والمختنَقُ المُضيَّق أي يؤخرونها عن أول وقتها (إلى) أَنْ دنَت الشمسُ للغروب ولم يَبْقَ من الوقت إلا قَدْرُ وَقْتِ (شَرَقِ الموتى) أي إلا قدر وَقْتِ غُصَّتِهم بريقهم يعني أنهم يُصلُّونَها ولم يَبْقَ من النهار إلا قَدْرُ ما بَقِيَ من نَفْس المحتضر إذا شَرِقَ بريقه أي غُصَّ أفاده المجدُ، والإضافةُ إلى الموتى لكونِ ضوئها عند ذلك الوقتِ ساقطًا على المقابر.
قال المازري: أي يُؤخرونها عن أول وقتها المختار ويفعلونها في غيره وقد بقي منه قدر شرق الموتى، قال ابن الأعرابي: شرق الموتى من قولهم شَرِقَ الميتُ بريقِه إذا لم يُبْقِ إلَّا يسيرًا ويموت، شَبَّه قلة ما بقي من الوقت بما بقي من حياة من شرق بريقه اهـ وهذا التأخير وقع في أمراء بني أمية، وكذلك أخر عمر بن عبد العزيز العصر فدخل عليه عروة بن الزبير فأنكر عليه، وهذا الحديث من أدلة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم إذ قد أخبر عن شيء من الغيب فوقع على نحو ما أخبر وكان بني أمية كانوا قد ذهبوا إلى أن تأخير الصلاة إلى آخِر وقتٍ يَسعُها أفضلُ كما هو قياس أبي حنيفة حيث قال: إن آخر الوقت هو وقت الوجوب، وقالت الأحناف: إن التعجيل في أول الوقت هو المستحب في صلاتي الفجر والمغرب أما صلاة الظهر فيستحب تأخيرها حتى تنكسر حدة الشمس، وكذا صلاة العصر بحيث لا تؤخر إلى وَقْت تَغير قُرْصِ الشمسِ، والعشاءُ يُستحب تأخيرها إلى قَبْل ثُلُثِ الليل. انظر فتح القدير لابن همام [١/ ١٥٨] القرطبي.
(فإذا رأيتموهم) أي رأيتم الأمراء (قد فعلوا ذلك) أي تأخير الصلاة إلى شَرقِ الموتى (فصلوا الصلاةَ) أنتم بأنفسكم (لميقاتها) أي في أولِ وَقْتِها الأفضلِ (واجعلوا صلاتكم معهم سبحة) بضم السين وسكون الموحدة أي نافلة، وهذا لِما يُخْشَى مِن أذاهم