للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: "وَمَا ذَاكَ" قَالُوا: صَليتَ كَذَا وَكَذَا. قَال: فَثَنَى رِجلَيهِ، وَاسْتَقْبَلَ القِبلَةَ، فَسَجَدَ سَجْدَتَينِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَينَا بِوَجْهِهِ فَقَال: إِنهُ لَو حَدَثَ في الصلاةِ شَيءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنما أَنَا بَشَر أَنْسَى كَمَا تَنْسَونَ. فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُوني

ــ

كانوا يتوقعونه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما ذاك) أي وما سبب سؤالكم عن ذلك، وهذا السؤال مِمَنْ لم يشعر بما وقع منه ولا يقين عنده ولا غلبة ظن (قالوا) أي قال الحاضرون (صليت) يَا رسول الله (كذا وكذا) أي صليت الظهر خمسًا وهذا إخبارُ مَنْ حَقَّق ما وقع، وقبول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قول المخبر عما وقع له دليل على قبول الإِمام قول من خلفه في إصلاح الصلاة إذا كان الإِمام على شك بلا خلاف، وهل يشترط في المخبر عدد لأنه من باب الشهادة أو لا يشترط ذلك لأنه من باب قبول الخبر قولان الأول لأشهب وابن حبيب، وأما إن كان الإِمام جازمًا في اعتقاده بحيث يصمم عليه فلا يرجع إليهم إلَّا أن يفيد خبرهم العلم فيرجع إليهم وإن لم يفد خبرهم العلم فذكر ابن القصار في ذلك عن مالك قولين الرجوع إلى قولهم وعدمه، وبالأول قال ابن حبيب ونصه إذا صلى الإِمام برجلين فصاعدًا فإنَّه يعمل على يقين من وراءه ويدع يقين نفسه، قال المشايخ: يريد الاعتقاد، وبالثاني قال ابن مسلمة ونص ما حكي عنه يرجع إلى قولهم إن كثروا ولا يرجع إذا قَلُّوا وينصرف ويتمون لأنفسهم اهـ من المفهم.

(قال) عبد الله (فثنى) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي عطف (رجليه) وتورك ليسجد قبل أن ينهض (واستقبل القبلة نسجد سجدتين) للسهو ليشفعن له صلاته (ثم سلم ثم أقبل علينا بوجهه) الشريف (فقال إنه) أي إن الشأن والحال (لو حدث) ووجد (في الصلاة شيء) من النسخ بالزيادة أو بالنقص (أنبأتكم) أي أخبرتكم أولًا (به) أي بالشيءِ الحادثِ؛ يفهم منه أن الأصل في الأحكام بقاؤها على ما قررت وإن جوز غير ذلك، وأن تأخير البيان لا يجوز عن وقت الحاجة (ولكن إنما أنا بشر) مثلكم (أنسى) من باب رضي أي أسهو (كما تنسون) أي كما تسهون (فإذا نسيت فذكروني) بالإشارة أو نحوها فكان حقهم أن يذكروه عند إرادة قيامه إلى الخامسة.

قال القرطبي: وهذا دليل على جواز النسيان على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيما طريقه البلاغ من الأفعال وأحكام الشرع، قال القاضي عياض: وهو مذهب عامة العلماء والأئمة النظار وظاهر القرآن والحديث، لكن شرط الأئمة أن الله تعالى ينبهه على ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>