رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ صَلاةِ الْعِشَاءِ، كُلَّ لَيلَةٍ، نَفَرْ مِنْهُمْ. قَال أبُو مُوسَى: فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَأَصْحَابِي. وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ في أَمْرِهِ. حَتَّى أَعْتَمَ بِالصَّلاةِ. حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيلُ. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بِهِمْ. فَلَمَا قَضَى صَلاتَهُ قَال لِمَنْ حَضَرَهُ: "عَلَى رِسْلِكُمْ. أُعْلِمُكُمْ،
ــ
(رسول الله صلى الله عليه وسلم) في مسجده (عند صلاة العشاء كل ليلة نفرٌ منهم) أي جماعة من رفقتي، ويتناوب تفاعل من النوب، وأصل النوب البعد غير الكثير كفرسخين أو ثلاثة، وقيل يتناوب بمعنى يتداول أي يأتونه من بعد في أوقات متفرقة غير مجتمعين عند صلاة العشاء ليصلوا معه، والنفر قوم من ثلاثة إلى تسعة وهو فاعل يتناوب أي يأتيه كل ليلة عدة رجال متناوبين غير مجتمعين، قال أبو بردة (قال أبو موسى) الأشعري (فوافقنا رسول الله) بالنصب (صلى الله عليه وسلم أنا) تأكيد لضمير الفاعل (وأصحابي) معطوف على فاعل وافقنا أي وافق حضورنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (وله) صلى الله عليه وسلم (بعض الشغل في أمره) أي بعض الاشتغال في حاجته أي وافقه حضورنا، والحال أنه مشغول في بعض مهماته كتجهيز الجيش كما في معجم الطبراني من وجه صحيح (حتى أعتم) أي فأعتم (بالصلاة) أي فاخر صلاة العشاء إلى عتمة الليل أي ظلمته، وحتى هنا بمعنى الفاء كما في رواية البخاري ليكون ما بعده غاية له أي فأعتم العشاء (حتى ابهارَّ الليل) أي أنصف الليل، وبُهْرة كل شيء بضم الباء وسكون الهاء وسطه، وقيل معنى (ابهار الليل) أي طلعت نجومه واستنارت، والأول أكثر كذا في النهاية، وقيل ابهار الليل ذهبت عامته وبقي نحو من ثلثه وهو سداسي من مزيد الثلاثي، وبناؤه للمبالغة في معنى الثلاثي، وفي القسطلاني (ابهار الليل) -بهمزة وصل ثم موحدة ساكنة فهاء فالف فراء مشددة- أي انتصف أو طلعت نجومه واشتبكت أو كثرت ظلمته، ويؤيد المعنى الأول رواية حتى إذا كان قريبًا من نصف الليل؛ والمعنى أخر الصلاة عن أول وقتها حتى انتصف الليل (ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم) من الحجرة الشريفة إلى المسجد (فصلى بهم فلما قضى صلاته) أي أتمها وفرغ منها (قال لمن حضره) أي لمن حضر الصلاة معه (على رسلكم) -بكسر الراء وفتحها مع سكون السين- فيهما لغتان، والكسر أفصح وأشهر، اسم فعل أمر بمعنى تأنوا وتمهلوا ولا تستعجلوا للخروج (أعلمكم) -بضم الهمزة- من أعلم الرباعي يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل الأول منها