الحديث عن عبد الله بن أبي لبيد، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى (قال) ابن عمر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء) بالجر بدل من اسم صلاتكم أي لا تغصبنكم الأعراب اسم صلاتكم الذي هو العشاء وتعوض لكم عنه اسم العتمة فتتبعونهم في تسميتها عتمة (فإنها) أي فإن اسم صلاتكم فالكلام على حذف مضاف (في كتاب الله) العزيز (العشاء) حيث سماها بقوله سبحانه {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ}(وإنها تعتم) روي بالبناء للفاعل فالضميران حينئذ للأعراب؛ أي فإن الأعراب تعتم أي تؤخر صلاة العشاء إلى وقت العتمة وشدة الظلام بسبب اشتغالهم بحلاب الإبل، وروي بالبناء للمجهول، والضميران عليه للصلاة أي فإن صلاة العشاء تعتم أي تؤخر عندهم عن أول وقتها إلى وقت العتمة بسبب اشتغالهم (بحلاب الإبل) والحلاب وكذا الحلب والاحتلاب مصدر؛ وهو استخراج ما في الضرع من اللبن، وهذا أنسب هنا والمعنى أنهم يعتمون صلاة العشاء إلى وقت العتمة بسبب اشتغالهم بحلب النوق، ويأتي بمعنى المحلب كما مر في الطهارة، والمحلب -بكسر الميم - الإناء الذي يحلب فيه، ويفهم من عبارة ابن حجر إطلاق العتمة على الحلبة التي يحلبونها في ذلك الوقت، وعن بعضهم أن تلك الحلبة إنما كانوا يعتمدونها في زمان الجدب خوفًا من السؤال والصعاليك، فعلى هذا فهي فعلة دنيوية مكروهة ينبغي أن لا تطلق على فعلة دينية محبوبة اهـ من بعض الهوامش. قال الأبي: والفاء الأولى في الطريق الثاني علة للنهي، والفاء الثانية علة للتسمية أي لا تغلبنكم لأن الله سبحانه سماها عشاءً وهم سموها عتمة لأنهم يعتمون بحلاب الإبل فإنهم إنما يحلبونها بعد الشفق ومد الظلام، وهذا الوقت يسمى عتمة، وهو في اللغة مستفيض فأطلقته العرب على هذه الصلاة فجاء النهي عن اتباعهم في ذلك فهو موافق للآية ومعارض لحديث لو تعلمون وجوابه ما سبق اهـ منه.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب سبعة أحاديث الأول حديث عائشة ذكره للاستدلال وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث ابن عمر الأول ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث أنس ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والرابع حديث