الله عليه وسلم (وجه بعض) آخر منهم أي وجه جليسه لحصول الإسفار.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث الأوَّل حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الأوَّل من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثَّاني حديث جابر بن عبد الله ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث أبي برزة ذكره للاستشهاد وللاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال النواوي: قوله (ويكره النوم قبلها والحديث بعدها) قال العلماء: وسبب كراهة النوم قبلها أنَّه يعرضها لفوات وقتها باستغراق النوم أو لفوات المختار والأفضل، ولئلا يتساهل النَّاس في ذلك فيناموا عن صلاتها جماعة، وسبب كراهة الحديث بعدها أنَّه يؤدي إلى السهر، ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل أو الذكر فيه أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز أو في وقتها المختار أو الأفضل، ولأن السهر في الليل سبب للكسل في النهار عما يتوجه من حقوق الدين أو الطاعات ومصالح الدُّنيا، قال العلماء: والمكروه من الحديث بعد العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها.
أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه وذلك كمدارسة العلم وكتابته وتصنيفه، وحكايات الصَّالحين، ومحادثة الضيف والعروس للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة، ومحادثة المسافرين لحفظ متاعهم أو أنفسهم، وكالحديث في الإصلاح بين النَّاس والشفاعة إليهم في خير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإرشاد إلى مصلحة ونحو ذلك، فكل هذا لا كراهة فيه، وقد جاءت أحاديث صحيحة ببعضه والباقي في معناه، وقد تقدم كثير منها في هذه الأبواب والباقي مشهور، ثم كراهة الحديث بعد العشاء المراد بها بعد صلاة العشاء لا بعد دخول وقتها، واتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلَّا ما كان في خير كما ذكرناه، وأمَّا النوم قبلها فكرهه عمر وابنه وابن عباس وغيرهم من السلف ومالك وأصحابنا رضي الله عنهم أجمعين ورخص فيه علي وابن مسعود والكوفيون رضي الله عنهم أجمعين، وقال الطحاوي: يرخص فيه بشرط أن يكون معه من يوقظه، وروي عن ابن عمر مثله والله أعلم اهـ منه.
وقال القرطبي: ويظهر لي أن كراهة الحديث بعدها إنَّما هولما أن الله تعالى جعل