نضحت ذلك الحصير ورششته، والنضح الرش (بماء) ليلين ويذهب عنه الغبار، معطوف على قمت، قال إسماعيل بن إسحاق: إنما نضحه ليلين وليتوطأ للصلاة، والأظهر قوله إن ذلك إما لنجاسة متيقنة فيكون النضح هنا غسلًا أو متوقعة لامتهانه بطول افتراشه فيكون رشًا لزوال الشك وتطييب النفس، وهذا هو الأليق لا سيما وقد كان عندهم أبو عمير أخو أنس طفلًا صغيرًا حينئذ اهـ من المفهم (فقام عليه) أي على الحصير (رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم) معطوف على ضمير الفاعل لتأكيده بضمير رفع منفصل، قال المنذري: واليتيم هو ابن أبي ضميرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولأبيه صحبة وعدادهما في أهل المدينة اهـ. وقال النواوي: هذا اليتيم اسمه ضمير بن سعد الحميري اهـ والله أعلم (وراءه) صلى الله عليه وسلم، وهذا حجة لكافة أهل العلم في أن هذا حكم الاثنين خلف الإمام، وحجة على أبي حنيفة والكوفيين إذ يقولون: يقومان عن يمينه ويساره (و) صفت (العجوز) وهي أم أنس أم سليم (من ورائنا) وهذا حكم قيام المرأة خلف الإمام ولا خلاف فيه، ويجوز أن يستدل به على أن المرأة لا تؤم الرجال، لأنها إذا كان مقامها في الائتمام متأخرًا عن مرتبة الرجال فأبعد أن تتقدمهم وهو قول الجمهور خلافًا للطبري وأبي ثور في إجازتهما إمامة النساء للنساء والرجال جملة، وحكي عنهما إجازة ذلك في التراويح إذا لم يوجد قارئ غيرها، واختلف في إمامتها النساء فذهب مالك وأبو حنيفة وجماعة من العلماء إلى منع إمامتها للنساء، وأجاز ذلك الشافعي، وفيه رواية شاذة عن مالك اهـ من المفهم (فصلى) إمامًا أو تبريكًا (لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم انصرف) قال الحافظ: أي إلى بيته أو من الصلاة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ١٣١ و ١٦٥] والبخاري [٣٨٠] وأبو داود [٦١٢] والترمذي [٢٣٤] والنسائي [٢/ ٥٦ - ٥٧].
قال النواوي: وفي هذا الحديث إجابة للدعوة وإن لم تكن وليمة عرس، ولا خلاف في أن إجابتها مشروعة لكن هل إجابتها واجبة، أم فرض كفاية، أم سنة؟ فيه خلاف مشهور لأصحابنا وغيرهم، وظاهر الأحاديث الإيجاب، وسنوضحه في بابه إن شاء الله تعالى اهـ منه.