المدينة أو لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح وهذا لا بد منه للجمع بين الأحاديث اهـ. قال ابن الملك: والمعتبر اليوم الهجرة المعنوية، وهي الهجرة من المعاصي، فيكون الأورع أولى كما في المرقاة (فإن كانوا في الهجرة سواء) أي مستوين (فأقدمهم) أي أسبقهم (سلما) أي إسلامًا فهو اسم مصدر لأسلم رباعي، لأن ذلك فضيلة يرجح بها (ولا يؤمن الرجل) بالرفع فاعل (الرجل) بالنصب مفعول به أي لا يكن الرجل الأول إمامًا للرجل الثاني (في سلطانه) أي في محل سلطنة الرجل الثاني ومحل ولايته، فهذا في الجمعات والأعياد، لتعلق هذه الأمور بالسلاطين، فأما في الصلوات المكتوبات فأعلمهم أولاهم بالإمامة، فإن جمع السلطان هذه الفضائل كلها فهو أولاهم بالإمامة، وكان أحمد بن حنبل يرى الصلاة خلف أئمة الجور ولا يراها خلف أهل البدع، وقولنا (وهذا في الجمعات والأعياد) الخ، قال القاضي: وهذا مما لا يوافق عليه، بل الصلاة لصاحب السلطنة حق من حقه وإن حضر أفضل منه، وقد تقدم الأمراء من عهد النبي صلى الله عليه وسلم فمن بعدهم على من تحت أيديهم، وفيهم الأفضل، وقد سبق ذكر شيوخنا أن الإمام بالجملة أفضل دون تفصيل في وجه، وحكى الماوردي قولين في الأحق، هل هو أو رب المنْزل ثم صاحب المنزل أحق من زائره، لأنه سلطانه وموضع تدبيره إلا أن يأذن صاحب المنزل للزائر ويستجيب له بأن حضر من هو أفضل منه أن يقدمه اهـ من المفهم. وقد يؤول قوله (ولا في سلطانه) بمعنى ما يتسلط عليه الرجل من ملكه في بيته أو بكونه إمام مسجد قومه، والمعنى حينئذ أن صاحب البيت والمجلس فيمام المسجد أحق من غيره فإن كان ذلك الغير أفقه وأقرأ وأورع وأفضل منه، وصاحب المكان أحق، فإن شاء تقدم وإن شاء قدم من يريد، وإن كان الذي يقدمه مفضولا بالنسبة إلى باقي الحاضرين لأنه سلطانه فيتصرف كيف شاء اهـ نواوي (ولا يقعد) أي لا يجلس الرجل الأول (في بيته) أي في بيت الرجل الثاني (على تكرمته) أي على تكرمة الرجل الثاني أي على فراشه وسجادته وسريره وما يعد لإكرامه من وطاء ونحوه، ووجه هذا المنع أنه مبني على منع التصرف في ملك الغير إلا بإذنه غير أنه خص التكرمة بالذكر للتساهل في القعود عليها، وإذا مغ القعود فمنع التصرف بنقلها مثلًا أو بيعها أولى اهـ مفهم (إلا بإذنه) أي يإذن الرجل الثاني، والتكرمة في الأصل مصدر لكرَّم