العن) واطرد من رحمتك (لحيان) غير منصرف (ورعلا) بالصرف (وذكوان) غير منصرف (وعصية) غير منصرف، هذه قبائل (عصت) وخالفت (الله) سبحانه وتعالى (ورسوله) - صلى الله عليه وسلم -، وهم قبائل من العرب قتلوا أصحاب بئر معونة وهم سبعون من القراء، وكان حديثهم أن أبا براء الكلابي ويعرف بملاعب الأسنَّة سأل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوجه معه رجالًا من أصحابه إلى قومه بنجد يدعونهم إلى الله ويعرضون عليهم الإِسلام، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني أخاف عليهم أهل نجد" فقال له أبو براء: أنا لهم جار، فبعثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه وكانوا زهاء سبعين رجلًا، فلما مروا ببني عامر استصرخ عليهم عدو الله عامر بن الطفيل، تلك القبائل التي دعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم من بني سليم فأجابوه فقتلوهم ولم ينج منهم إلا عمرو بن أمية الضمري، وقيل إلا كعب بن زيد الأنصاري، فحزن عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حزنًا شديدًا، فإنَّه لم يصب بمثلهم، وكانوا من خيار المهاجرين - رضي الله عنهم -. قال أبو هريرة بالسند السابق (ثمَّ بلغنا أنَّه) - صلى الله عليه وسلم - (ترك ذلك) الدعاء عليهم، وأما أصل القنوت في الصبح فلم يتركه حتى فارق الدنيا كذا صح عن أنس - رضي الله عنه - كما سيأتي قريبًا (لما أنزل) قوله تعالى ({لَيسَ لَكَ}) أي محمَّد ({مِنَ الْأَمْرِ}) والتصرف في عبادي ({شَيءٌ}) إلا التبليغ ({أَوْ يَتُوبَ عَلَيهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ})[آل عمران: ١٢٨] والمعنى فالله عَزَّ وَجَلَّ مالك أمرهم فإما أن يهلكهم أو يمزقهم أو يتوب عليهم إن أسلموا أو يعذبهم إن أصروا على الكفر، وليس لك من أمرهم شيء وإنما أنت نذير.
قال القرطبي: والذي استقر عليه أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القنوت ما رواه الدارقطني [٢/ ٤١] بإسناد صحيح عن أنس أنَّه قال: ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [١٠٠٦] وأبو داود [٨٣٦] والنسائي [٢/ ٢٣٣] وابن ماجه [١٢٤٤].
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فقال: