ثمَّ استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث أنس بن مالك فقال:
١٤٣٦ - (٦٤٣)(٥٤)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال قرأت على مالك) بن أنس الأصبحي المدني (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري المدني (عن أنس بن مالك) الأنصاري البصري - رضي الله عنه -. وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد بصري وواحد نيسابوري (قال) أنس (دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على) المشركين (الذين قتلوا أصحابـ) ـه القراء في موضع سمي بـ (بئر معونة) وهو اسم موضع في أرض بني سليم فيما بين مكة والمدينة، وأولئك القراء كانوا من أوزاع الناس ونزاع القبائل نازلين بصفة المسجد يتفقدون القرآن ويتعلمون العلم وكانوا ردأً للمسلمين إذا نزلت بهم نازلة، وكانوا عمار المسجد وليوث الملاحم، بعثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل نجد ليقرأوا عليهم القرآن ويدعوهم إلى الإِسلام، فلما نزلوا ببئر معونة قصدهم عامر بن الطفيل في أحياء من سليم وهم رعل وذكوان وعصية ولحيان، وقاتلوهم فقتلوهم ولم ينج منهم إلا كعب بن زيد من بني النجار فإنَّه تخلص وبه رمق فعاش حتى استشهد يوم الخندق، وكانوا سبعين، وكان ذلك سنة أربع اهـ إكمال الإكمال، وقوله (ثلاثين صباحا) ظرف لدعا أي دعا عليهم في ثلاثين صباحًا ومساءً في خمس صلوات، وقوله (يدعو على رعل وذكوان ولحيان وعصية) تفصيل لما أجمله أولًا بقوله على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة، وسميت القبيلة عصية بضم أوله لأنها (عصت) وخالفت (الله) سبحانه وتعالى (ورسوله) - صلى الله عليه وسلم - فيما يدعوان إليه من التوحيد، وفيه من المحسنات البديعية جناس الاشتقاق (قال أنس) بالسند السابق (أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ في) القراء (الذين قتلوا ببئر معونة قرآنًا قرأناه) معاشر الصحابة (حتى نسخ بعد) أي بعد قراءتنا إياه، ولفظه أوصينا إليك ربنا (أن بلغوا قومنا)