للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَال: "أَمَا إِنَّهُ لَيسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ. إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلاةِ الأُخْرَى. . فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا. فَإِذَا كَانَ الْغَدُ. . فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا"

ــ

حسنًا وإن قبيحًا وإن سارًّا وإن ضارًا، ولهذا قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] فوصفها بالحسنة اهـ مفردات الراغب (ثمَّ قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أما إنه) أي إن الشأن والحال (ليس في النوم تفريط) أي تقصير في فوت الصلاة لانعدام الاختيار من النائم، وهذا يدل على أن النائم غير مكلف ولا مؤاخذ، قال النواوي: فيه دليل لما أجمع عليه العلماء أن النائم ليس بمكلف وإنما يجب عليه قضاء الصلاة ونحوها بأمر جديد هذا هو المذهب الصحيح المختار عند أصحاب الفقه والأصول، ومنهم من قال: يجب القضاء بالخطاب السابق، وهذا القائل يوافق على أنَّه في حال النوم غير مكلف، وأما إذا أتلف النائم بيده أو غيرها من أعضائه شيئًا في حال نومه فيجب ضمانه بالاتفاق، وليس ذلك تكليفًا للنائم لأنَّ غرامة المتلفات لا يشترط لها التكليف بالإجماع بل لو أتلف الصبي أو المجنون أو الغافل أو غيرهم ممن لا تكليف عليه شيئًا وجب ضمانه بالاتفاق ودليله من القرآن قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] فرتب سبحانه وتعالى على القتل خطأ الدية والكفارة مع أنَّه غير آثم بالإجماع اهـ النواوي.

(إنما التفريط) أي إنما إثمه (على من لم يصل الصلاة) أي أخرها عامدًا (حتى يجيء) ويدخل (وقت الصلاة الأخرى) أي على من لم يصلها عامدًا لتركها، وفيه ما يدل على أن أوقات الصلوات كلها موسعة (فمن فعل ذلك) أي نام عن صلاة حتى خرج وقتها (فليصلها) أي فليقضها (حين ينتبه لها) أي حين انتبه من نومه أيَّ وقت كان وفي أيِّ مكان كان، إلا عند أبي حنيفة فإنَّه يمنعها في أوقات كراهة الصلاة (فإذا كان الغد) وجاء، هو اسم لليوم بعد يومك أي إذا جاءت مثل هذه الفائتة في اليوم الثاني (فليصلها عند) دخول (وقتها) فلا يؤخرها عن وقتها عامدًا، فإن الصلاة كانت كتابًا موقوتًا لم يتحول وقت عن وقت، قال النواوي: معناه أنَّه إذا فاتته صلاة فقضاها لا يتغير وقتها ولا يتحول في المستقبل بل يبقى كما كان فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد ولا يتحول وليس معناه أنَّه يقضي الفائتة مرتين اهـ قال القرطبي: قال قوم: ظاهره إعادة المقضية مرتين عند ذكرها وعند حضور مثلها من الوقت الآتي، وقد وافق هذا الظاهر ما

<<  <  ج: ص:  >  >>