للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ. قَال: وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَرَكِبْنَا مَعَهُ. قَال: فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ: مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا فِي صَلاتِنَا؟ ثُمَّ قَال: "أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ "

ــ

صلاة الصبح (فصنع) فيها أي في قضائها (كما كان يصنع كل يوم) في أدائها من غير فرق، قال النواوي: فيه استحباب الأذان للصلاة الفائتة، وفيه قضاء السنة الراتبة لأنَّ الظاهر أن هاتين الركعتين اللتين قبل الغداة هما سنة الصبح، وقوله (كما كان يصنع كل يوم) فيه إشارة إلى أن صفة قضاء الفائتة كصفة أدائها، فيؤخذ منه أن فائتة الصبح يقنت فيها، وهذا لا خلاف فيه عندنا، وقد احتج به من يقول يجهر في الصبح التي يقضيها بعد طلوع الشمس، وهذا أحد الوجهين لأصحابنا وأصحهما أنَّه يسر بها، ويحمل قوله كما كان يصنع أي في الأفعال، وفيه إباحة تسمية الصبح غداة، وقد تكرر في الأحاديث.

قال القرطبي: اختلف العلماء في الفوائت هل يؤذن لها ويقام أو لا يؤذن لها ولا يقام أو يقام لها ولا يؤذن؟ ثلاثة أقوال فالأول مذهب أهل الرأي وأحمد وأبي ثور، والثاني مذهب الثوري، والثالث مذهب مالك والأوزاعي والقول الثاني للشافعي، وقد تأول بعض أصحابنا الأذان في حديث أبي قتادة بمعنى الإعلام وهو تكلف، بل الذي يجمع بين الأحاديث أنَّه إن احتيج إلى الأذان بحيث يجمع متفرقهم فعل، وعلى هذا يحمل حديث أبي قتادة وإن كانوا مجموعين لم يحتج إلى ذلك إذ ليس وقتًا راتبًا فيدعى إليه الجميع ويعلمونه ويكون شعارًا، وعلى هذا يحمل حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - اهـ من المفهم.

(قال) أبو قتادة (وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وركبنا معه قال) أبو قتادة (فجعل) أي شرع (بعضنا يهمس إلى بعض) -بفتح الياء وكسر الميم - من باب ضرب من الهمس وهو الكلام الخفي أي يكلمه بصوت خفي ويقول له (ما كفارة ما صنعنا) وارتكبنا (بتفريطنا) أي بتقصيرنا (في صلاتنا) أي بتفويت صلاتنا بالنوم (ثمَّ قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أما) -بفتح الهمزة وتخفيف الميم - حرف استفتاح أي أما كان (لكم) أيها الأصحاب (في) جار ومجرور متعلق بأسوة أي أما كان لكم (أسوة) حسنة واقتداء بي في أفعالي وأقوالي وأحوالي فلا لوم عليكم في تفريطكم، والأسوة -بضم الهمزة وكسرها- كالقدوة وزنًا ومعنىً، وهي الحالة التي يكون الإنسان عليها في اتباع غيره إن

<<  <  ج: ص:  >  >>