- صلى الله عليه وسلم - وفيهم أبو بكر وعمر (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) سبقكم فهو (بين أيديكم) أي قدامكم عكس ما قال العمران، ثمَّ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (فإن يطيعوا) أي يطع الناس الذين سبقونا (أبا بكر وعمر) فيما قالاه من كون النبي - صلى الله عليه وسلم - وراءهم (يرشدوا) إلى الصواب في شأني فينتظروني لأنهما وافقا الحق فيما قالاه فصوابه إذًا أن يكون (يطيعوا ويرشدوا) بياء الغائبين، والرشد خلاف الغي وبابه نصر وعلم، وقد قيل في بعض النسخ بتاء المخاطبين ووجهه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه أقبل على الغائبين فخاطبهم ويجري هذا مجرى قول عمر (الجبل يا سارية) وهو بالمدينة، وسارية بمصر أو بالشام فسمعه سارية ولجأ إلى الجبل ونجا هو وأصحابه والله أعلم، ويحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - حاكيًا قولهم اهـ من المفهم، وفي هذا من منقبة العمرين ما لا يخفى، وفيه أيضًا علم من أعلام النبوة لأنه أخبر عن أقوالهم وأحوالهم وهو غائب عنهم.
قال النواوي: معنى هذا الكلام أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لما صلى بهم الصبح بعد ارتفاع الشمس وقد سبقهم الناس وانقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهؤلاء الطائفة اليسيرة عنهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن عنده: "ما تظنون الناس يقولون فينا" فسكت القوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما أبو بكر وعمر فيقولان للناس إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وراءكم ولا تطيب نفسه أن يخلفكم وراءه ويتقدم بين أيديكم فينبغي لكم أن تنتظروه حتى يلحقكم، وقال باقي الناس إنه سبقكم فالحقوه فإن أطاعوا أبا بكر وعمر رشدوا فإنهما على الصواب" والله أعلم.
(قال) أبو قتادة (فانتهينا إلى الناس) أي وصلنا إلى الناس الذين سبقونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (حين امتد النهار) وارتفعت شمسه (وحمي كل شيء) لشدة حرارتها (وهم) أي والحال أن الناس الذين سبقوه (يقولون يا رسول الله هلكنا) أي تعبنا بشدة الحرارة وطول المسير (عطشنا) لفقد الماء (فقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا هلك) -بضم الهاء وسكون اللام- اسم مصدر لهلك أي لا هلاك (عليكم) إن شاء