الله تعالى (ثمَّ قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أطلقوا لي غمري) -بضم الغين وفتح الميم- أي فكوا متاعي وأخرجوا منه غمري وإيتوني به، والغمر القدح الصغير، قال أبو عبيد: يقال للقعب الصغير غمر، وتغمرت شربت قليلًا قليلًا اهـ (قال) أبو قتادة (ودعا) أي طلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (بالميضأة) أي بالمطهرة التي كانت عندي (فجعل) أي شرع (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصب) الماء من الميضأة في القدح (وأبو قتادة يسقيهم) أي يسقي الناس الماء الذي في القدح أي يعطيهم واحدًا فواحدًا (فلم يعد) مضارع عدا من باب دعا بمعنى جاوز، وجملة قوله (أن رأى الناس) في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية، وقوله (ماء في الميضأة) قرئ لفظ ما بالمد على أنَّه اسم مائع معروف وبالقصر على أنها موصولة، قال النواوي: وكلاهما صحيح، وقوله (تكابوا عليها) أي على الميضأة، في محل النصب مفعول به ليعد على تقدير أن المصدرية أي لم يتجاوز رؤية الناس الماء في الميضأة تكاببهم وتزاحمهم عليها مكبًا بعضهم على بعض لأخذ الماء (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسنوا الملأ) - بفتح الميم واللام وبالهمز آخره -أي أحسنوا خلقكم وعشرتكم ولا تتزاحموا عليها (كلكم سيروى) -بفتح الواو -أي كلكم يشبع الماء إن شاء الله تعالى، وقوله (أحسنوا الملاء) أي الخلق، وفي حديث آخر "أحسنوا أملاءكم" أي أخلاقكم، قال ابن الأثير: بعد ضبطه الملاء -بفتح الميم واللام والهمز -كما هنا، وأكثر قُراء الحديث يقرؤونه "أحسنوا الملء" -بكسر الميم وسكون اللام - من ملئ الإناء، وليس بشيء اهـ (كلكم سيروى) هو من الري والارتواء، تقول من الرواية روى يروي كرمى يرمي، ومن الري يروى، كرضي يرضي (قال) أبو قتادة (ففعلوا) ما أمرهم به النبي - صلى الله عليه وسلم - من إحسان الأخلاق وترك التكابب (فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصب) الماء (و) أنا (أسقيهم) أي أناولهم القدح واحدًا فواحدًا (حتى ما بقي غيري وغير رسول الله