للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال قتادَةُ: هَذَا كَانَ سَائِلًا قَبْلَ الْجَارِفِ، لا يَعْرِضُ في شَيءٍ مِنْ هَذَا وَلَا يَتكَلَّمُ فِيهِ، فَواللهِ! مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً، وَلَا حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً إلا عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ

ــ

(فقال قتادةُ) بن دِعامة لإِظهار بُطْلان ما زَعَم وادَّعَى: (هذا) الرَّجل القائم الخارج من عندنا الزاعم لقاء هؤلاء الصَّحَابَة (كان سائلًا) أي: طالبًا الصدقةَ من النَّاس مشغولًا بطلب رزقِه وقُوته من أيدي النَّاس (قبلَ) وقوع الطاعون (الجارفِ) أي: الذي جرف وأهلك كثيرًا من النَّاس من الصَّحَابَة وغيرهم؛ أي: مشغولًا بسؤال النَّاس قبل الجارف الذي أهلك أكثرَ الصَّحَابَة.

(لا يَعْرِضُ) بفتح الياء وكسر الراء؛ أي: لا يلتفتُ ولا يَرْغَبُ (في شيءٍ من هذا) العِلْمِ؛ أي: عِلْمِ رواية الحديث؛ أي: لا يَعْتَني بالحديث (ولا يَتكَلَّمُ فيه) أي: في شيءٍ من الحديث حِفْظًا وضَبْطًا وروايةً في زمن البدريين، فكيف عن لقائهم والرواية عنهم؟ ! فهو كَذَّابٌ في ذلك الزعم.

قال قتادة: (فوالله) الذي لا إله غيرُه؛ أي: أقسمتُ به (ما حَدَّثنا الحَسَنُ) البصريُّ الذي هو من كبار التابعين رأس الطَّبقة الثالثة (عن) شخصٍ (بَدْرِيٍّ) أي: حاضرٍ وقعةَ بَدْرٍ (مُشَافَهَةً) أي: مُخاطَبةً ومكالمةً معه بلا واسطةٍ، فكيف يحَدّثُ هذا الأعمى الذي هو من الطَّبقة الخامسة عن البدريين؟ ! فهو كَذَّابٌ فيما يزعم.

وقولُه: (مُشَافَهَةً) مصدرٌ لشافه الرباعي من باب فاعل يُقال: شافهه مشافهة إذا أدنى شفتَه من شفتِه وكَلَّمَه، وهو مصدرٌ منصوبٌ على الحالية من (الحَسَنُ) على تأويله بالمشتق؛ أي: حالة كونه مشافهًا مخاطبًا للبَدْرِيِّ، أو على النيابة عن المصدرِ؛ أي: تحديثَ مشافهة.

(ولا حَدَّثنا سعيدُ بن المُسَيّبِ عن بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً) أي: بلا واسطةٍ (إلَّا) ما روى سعيدُ بن المُسَيّب (عن سَعْدِ بنِ مالكٍ) أي: عن سَعْد بن أبي وَقَّاص.

قال النوويُّ: (والمرادُ بهذا الكلام: إبطالُ قولِ أبي داود هذا وزَعْمِهِ أنَّه لَقِيَ ثمانيةَ عَشَرَ بَدْرِيًّا، فقال قتادة: الحَسَنُ البصريُّ وسعيدُ بن المُسَيّب أكبرُ من أبي داود

<<  <  ج: ص:  >  >>