وليس المراد أن ذا الحليفة كان غاية سفره فلا دلالة فيه قطعا، وأما ابتداء القصر فيجوز من حين يفارق بنيان بلده أو خيام قومه إن كان من أهل الخيام، هذا جملة القول فيه، وتفصيله مشهور في كتب الفقه، هذا مذهبنا ومذهب كافة العلماء إلا رواية ضعيفة عن مالك أنه لا يقصر حتى يجاوز ثلاثة أميال، وحكي عن عطاء وجماعة من أصحاب ابن مسعود أنه إن أراد السفر قصر قبل خروجه، وعن مجاهد أنه لا يقصر في يوم خروجه حتى يدخل الليل، وهذه الروايات كلها منابذة للسنة واجماع السلف والخلف لأنه صلى الله عليه وسلم قصر بعد ما فارق وقبل الليل فكان ذلك ردًّا على عطاء وابن مجاهد ومن وافقهما، اهـ نواوي. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [٣/ ١٧٧ و ١٨٦] والبخاري [١٠٨٩] وأبو داود [١٢٠٢] والترمذي [٥٤٦] والنسائي [١١/ ٢٣٤].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
١٤٧٣ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة أبو عثمان الخراساني، ثقة، من (١٠)(حدثنا سفيان) بن عيينة الكوفي (حدثنا محمد بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير بالتصغير القرشي التيمي أبو عبد الله المدني، ثقة، من (٣)(وإبراهيم بن ميسرة) الطائفي نزيل مكة، روى عن أنس بن مالك في الصلاة، وطاوس في الصلاة والطلاق والأشربة، وعمرو بن الشريد في ذكر الشعر، ويعقوب بن عاصم في ذكر الشعراء، ويروي عنه (ع) وسفيان بن عيينة وابن جريج وأيوب السختياني، وثقه أحمد والنسائي والعجلي ويحيى، وقال في التقريب: ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة (١٣٢) اثنتين وثلاثين ومائة، أنهما (سمعا أنس بن مالك) الأنصاري البصري رضي الله عنه -. وهذا السند من رباعياته، غرضه بسوقه بيان متابعة ابن المنكدر وابن ميسرة لأبي قلابة في رواية هذا الحديث عن أنس، حالة كون أنس (يقول: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعًا) لأنه مقيم (وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين) لأنه مسافر لحجة الوداع.