قال القرطبي: لا خلاف أن هذا حكم الحجاج من غير أهل مكة وعرفة بمنى يقصرون الصلاة، وعند مالك أن حكم الحاج من أهل مكة أنهم يقصرون بمنى وعرفات وكذلك أهل عرفة بمنى ومكة يقصرون، وخالفه في ذلك أبو حنيفة والشافعي وجماعة فقالوا: إنهم يتمون إذ ليس في المسافة مسافة قصر، وحجة مالك التمسك بظاهر حديث ابن عمر المذكور واتباع العمل العام في ذلك، ولأن الحاج في مشاعره ومناسكه مقدار المسافة التي تقصر فيها الصلاة والله تعالى أعلم، فأما أهل تلك المواضع فلا خلاف، أحسبه في أن كل واحد منهم يتم في موضعه وإن شرع في عمل الحج لأنهم في أهلهم وقد ذكرنا ما تؤول به إتمام عثمان رضي الله عنه اهـ من المفهم. ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
١٤٨٢ - (٠٠)(٠٠)(وحدثناه) أي حدثنا الحديث المذكور يعني حديث ابن محمر (زهير بن حرب) النسائي (حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي الشامي (عن) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي) الشامي (ح وحدثناه إسحاق) بن إبراهيم الحنظلي المروزي (وعبد بن حميد) الكسي (قالا أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا معمر) ابن راشد الأزدي البصري (جميعا) أي كل من الأوزاعي ومعمر رويا (عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن سالم عن أبيه، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة الأوزاعي ومعمر لعمرو بن الحارث في رواية هذا الحديث عن الزهري وحينئذ فقوله (قال بمنى) تحريف من النساخ وكذا قوله (ولم يقل وغيره) والصواب (قالا بمنى) بألف التثنية وكذا قوله (ولم يقولا وغيره) بألف التثنية، أي قال كل من الأوزاعي ومعمر لفظة (بمنى) ولم يقولا لفظة (وغيره) كما قال عمرو بن الحارث في روايته السابقة، وهذا بيان لمحل المخالفة بين الراويين.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال: