للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ, أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالتْ: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْقُرْآنَ. قَال: فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ, وَلَا أَسْأَلَ أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَمُوتَ. ثُمَّ بَدَا لِي فَقُلْتُ: أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالتْ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ, فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا. وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا

ــ

(يا أم المؤمنين أنبئيني) أي أخبريني (عن خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم) بضم الخاء واللام ويسكن أي عن أخلاقه وشمائله (قالت ألست) يا سعد (تقرأ القرآن؟ قلت بلى) أقرؤه (قالت) عائشة (فإن خُلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن) أي كان خُلقه جميع ما فصل في القرآن من مكارم الأخلاق فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان متحليًا به، وقال النواوي: معنى (كان القرآن) أي كان خُلقه العمل به والوقوف عند حدوده والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبر معانيه وحسن تلاوته، وقال القرطبي: ومعنى قول عائشة (كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن) أي كان يتخلق بما فيه من محمود الأوصاف ويتجنب ما فيه من ممنوعها، ويحتمل أن تريد بقولها القرآن الآيات التي اقتضت الثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤]، وكقوله تعالى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [الأعراف: ١٥٧] وما في معنى ذلك اهـ من المفهم (قال) سعد بن هشام (فهممت) أي قصدت (أن أقوم) من عندها وأذهب (و) أن (لا أسأل أحدًا) من الناس أبدًا (عن شيء) من خُلقه صلى الله عليه وسلم (حتى أموت) وقال القرطبي: وقول سعد (فهممت أن أقوم) إنما كان ذلك الهم منه استقصارًا لفهمه إذ لم يفهم ذلك من القرآن مع وضوح ذلك المعنى فيه وإنهاضًا لهمته للبحث عن معاني القرآن واكتفاء بذلك عن سؤال أحد من أهل العلم اهـ من المفهم (ثم) بعد ما هممت القيام من عندها (بدا) وظهر (لي) أن أسألها عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقلت) لها (أنبئيني) أي أخبريني يا أم المؤمنين (عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم) وصلاته في الليل (فقالت) لي (ألست تقرأ) سورة (يا أيها المزمل؟ قلت) لها (بلى) أقرأها (قالت: فإن الله عزَّ وجلَّ افترض) وأوجب عليه صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه (قيام الليل) وصلاته (في أول هذه السورة) بقوله {قُمِ اللَّيلَ إلا قَلِيلًا} (فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه) أي صلوا في الليل (حولًا) كاملًا (وأمسك الله) سبحانه وتعالى عنده (خاتمتها) أي خاتمة

<<  <  ج: ص:  >  >>