الظهر كان كمن فعله في الليل، وفيه استحباب قضاء التهجد إذا فاته من الليل ولم يستحب أصحاب الشافعي قضاءه وإنما استحبوا قضاء السنن الرواتب اهـ منه. قوله (كُتب له) قال القرطبي: هذا الفضل من الله تعالى وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلبه نوم أو عذر منعه من القيام مع أن نيته القيام، وفيه دليل على أن صلاة الليل أفضل من صلاة النهار.
وقد ذكر مالك في الموطإ عنه صلى الله عليه وسلم قال:"ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته وكان نومه صدقة عليه" رواه مالك في الموطإ [١/ ١١٧] وهذا أتم في التفضل والمجازاة بالنية، وظاهره أن له أجره مكملًا مضاعفًا وذلك لحسن نيته وصدق تلهفه وتأسفه قاله بعض مشايخنا، وقال بعضهم: يحتمل أن يكون غير مضاعف إذ الذي يصليها أكمل وأفضل، وقد رأى مالك أن يصلي حزبه من فاته بعد طلوع الفجر وهو عنده وفت ضرورة لمن غلب على حزبه وفاته كما يقول في الوتر اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [١٣١٣]، والترمذي [٥٨١]، والنسائي [٣/ ٢٥٩]، وابن ماجه [١٣٤٣]. قال النواوي: وهذا الإسناد والحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم وزعم أنه معلل بأن جماعة رووه هكذا مرفوعًا وجماعة رووه موقوفًا، وهذا التعليل لا يقدح فالحديث صحيح وإسناده أيضًا صحيح، والصحيح بل الصواب الذي عليه الفقهاء والأصوليون ومحققوا المحدثين أنه إذا روي الحديث مرفوعًا وموقوفًا أو موصولًا ومرسلًا حُكم بالرفع والوصل لأنها زيادة ثقة وسواء كان الرافع والواصل أكثر أو أقل في الحفظ والعدد والله أعلم اهـ.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث عائشة ذكره للاستدلال وذكر فيه خمس متابعات، والثاني حديث عمر ذكره للاستشهاد والله أعلم.