ومن لطائفها أن رجالها كلهم من الكوفيين إلَّا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم، وأنه اجتمع فيها أربعة من التابعين روى بعضهم عن بعض وهم الأعمش والثلاثة بعده (قال) حذيفة (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة) أي ليلة من الليالي (فافتتح) أي فابتدأ بعد الفاتحة (البقرة) أي قرءاة سورتها (فقلت) في نفسي لعله (يركع عند) تمام (المائة) آية (ثم) بعد تمام المائة (مضى) واستمر في قراءتها (فقلت) في نفسي لعله (يصلي بها) ركعتين فيقسمها عليهما فيقرأ (في) كل (ركعة) نصفها (فمضى) أي استمر في قراءتها حتى قرأ معظمها بحيث غلب على ظني أنه لا يركع الركعة الأولى إلَّا في آخر البقرة (فقلت) في نفسي لعله (يركع) ركوع الركعة الأولى (بها) أي عند تمامها (ثم) أتمها فجاوزها و (افتتح) قراءة سورة (النساء فقرأها) أي فأتم قراءتها (ثم افتتح آل عمران فقرأها) أي فأتم قراءتها، ومن الضرورة هنا أن يقال كما في النواوي: إن قوله: (ثم افتتح النساء ثم آل عمران) كان قبل توقيف ترتيب السور فإن سورة النساء بعد آل عمران، والصحيح أن الترتيب في جميع السور توقيفي وهو ما عليه الآن المصاحف الشريفة كما ذكره السيوطي في الإتقان (يقرأ) أي وهو يقرأ جميع السور حالة كونه (مترسلا) في قراءته أي مرتلًا متمهلًا متأنيًا غير مستعجل في قراءته، قال في النهاية: يقال ترسل الرجل في كلامه ومشيه إذا لم يعجل وهو والترتيل سواء اهـ، وفي القرطبي: قوله (مترسلًا) أي مترففًا متمهلًا من قولهم على رسلك أي على رفقك، وهذا التطويل وهذه الكيفية التي صدرت عنه في هذه الصلاة إنما كان منه بحسب وقت صادفه، ووجد وجده، فاستطاب ما كان فيه واستغرقه عما سواه وهو موافق لما قاله في حديث آخر "إذا أم أحدكم الناس فليخفف وإذا صلى وحده فليطول ما شاء" رواه مسلم والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومن ترسله فيها أنه (إذا مر) وجاوز (بآية فيها تسبيح سبح) الله سبحانه وتعالى (وإذا مر بـ) آية (سؤال) أي بآية فيها سؤال رحمة (سأل) الرحمة (وإذا مر بـ) آية (تعوذ) أي بآية