للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالَّذِي يَقرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ"

ــ

يكون في منازلهم ورفيقًا لهم في الآخرة لاتصافه بصفتهم من جهة أنَّه حامل الكتاب وأمين عليه، والبررة جمع البار بمعنى المحسن، قوله (الماهر بالقرآن) يعني الحاذق به، قال الهروي: أصله الحذق بالسباحة، قلت: ومنه قول امرئ القيس:

وترى الضَّبَّ خفيفًا ماهرًا ... ثانيًا بُرثُنه ما ينعفر

(البراثن) بمنزلة الأصابع من الإنسان (ما ينعفر) أي لا يصيبه العفر وهو التراب، وقال المهلب: المهارة في القرآن جودة التلاوة بجودة الحفظ ولا يتردد فيه لأن الله سبحانه يسره عليه كما على الملائكة فهو على مثلهم في الحفظ والدرجة، و (السفرة) جمع سافر وهم ملائكة الوحي سموا بذلك لأنهم يسفرون بين الله وبين خلقه وهم رؤساء الملائكة، وقيل هم الكتبة، والكاتب يسمى سافرًا، ومنه أسفار الكتاب وعلى هذا فوجه كونهم مع الملائكة أن حملة القرآن يبلغون كلام الله إلى خلقه، فهم سفراء بين رسل الله وبين خلقه فهم معهم أي في مرتبتهم في هذه العبادة، ويستفاد من هذا أن حملة القرآن ينبغي لهم الاعتناء في التبليغ والتعليم والاجتهاد في تحصيل الصدق وإخلاص النية لله حتَّى تصح لهم المناسبة بينهم وبين الملائكة اهـ مفهم.

(والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه) أي يتردد في تلاوته عيًا وصعوبةً ويتلبد عليه لسانه ويقف في قراءته لعدم مهارته، والتعتعة في الكلام العي، وجملة قوله (وهو) أي القرآن (عليه شاق) أي شديد تصيبه مشقه، حال من فاعل يتتعتع (له أجران) أي ثوابان أجر لقراءته وأجر لتحمل مشقته، هذا تحريض على تحصيل القراءة وليس معناه أن الَّذي يتتعتع فيه له من الأجر أكثر من الماهر بل الماهر أفضل وله أجور كثيرة حيث اندرج في سلك الملائكة اهـ ملا علي. ولم يذكر هذه المنزلة لغيره وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه وكثرة تلاوته ودرايته كاعتنائه حتَّى مهر فيه اهـ إكمال المعلم. والحاصل أن المضاعفة للماهر لا تحصى فإن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وأكثر، والأجر شيء مقدر، وهذا له أجران من تلك المضاعفات والله أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٤٩٣٧] وأبو داود [١٤٥٤] والترمذي [٢٩٠٦] والنسائي وابن ماجة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>