جابر بن عبد الله) بن عمرو الأنصاري السلمي أبي عبد الله المدني، وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم كوفيون إلا جابر بن عبد الله أو إسحاق بن إبراهيم، وفيه التحديث والعنعنة والمقارنة (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب) حالة كونه (قائمًا يوم الجمعة) هكذا سنة الخطبة ليكون أبلغ في الإسماع كالمؤذن إلا أن تدعوه ضرورة من ضعف أو غيره (فجاءت عير) أي إبل حاملة الطعام والتجارة، وهي المسماة في الرواية الأخرى بسويقة تصغير سوق (من الشام فانفتل) أي انصرف (الناس) من عند النبي صلى الله عليه وسلم وذهبوا مقبلين (إليها) أي إلى تلك العير (حتى لم يبق) عند النبي صلى الله عليه وسلم (إلا اثنا عشر رجلًا) فيه رد على من يقول: إن الخطبة لا تقام إلا على أربعين فصاعدًا وحكي ذلك عن الشافعي، وقد تمسك بهذا الحديث طائفة من أهل العلم على أن أقل ما تنعقد به الجمعة اثنا عشر، ولا حجة فيه على ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم إنما عقدها وشرع فيها بأكثر من هذا العدد ثم عرض لهم أن تفرقوا ولم يبق منهم غير ذلك العدد، وقد روي في بعض روايات هذا الحديث أنه بقي معه أربعون رجلًا والأول أصح وأشهر اهـ من المفهم.
(فأنزلت هذه الآية النبي في) سورة (الجمعة) وهي قوله تعالى ({وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً}) أي عيرًا تحمل تجارة أو ميرة ({أَوْ}) سمعوا ({لَهْوًا}) أي طبلًا كانوا يضربونه عند قدوم العير ({انْفَضُّوا}) أي تفرقوا من عندك ذاهبين ({إِلَيهَا}) أي إلى تلك العير المفهومة من التجارة أو اللهو ({وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}) تخطب، فهذا ذم لمن ترك الجمعة بعد الشروع فيها، ونهي للمسلمين أن يتفرقوا عن إمامهم، وقد استدل به على اشتراط الخطبة في الجمعة وفيه بعد، وأحسن متمسك فيه قوله صلى الله عليه وسلم:"صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه أحمد والبخاري من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه، قوله (فجاءت عير من الشام) العير بالكسر الإبل تحمل الميرة ثم غلب على كل قافلة كذا في المصباح، والميرة الطعام أعني الذخيرة، قوله (فانفتل الناس إليها) أي انصرفوا، قوله (انفضوا) أي تفرقوا