يَسُلُّ من يدي يده ليطلع المنبر ويصعد عليه للخطبة يريد تقديمها على الصلاة حتَّى صرنا (كأنه يجرني) أي يسحبني (نحو المنبر وأنا أجره نحو) المصلى لـ (الصلاة فلما رأيت ذلك) الذي أراده من تقديم الخطبة على الصلاة (منه) أي من مروان (قلت) له (أين الابتداء بالصلاة) الذي فعله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون، قاله النواوي: هكذا في أكثر النسخ، وفي بعضها (ألا نبدأ) بألا التي للاستفتاح وبعدها نون ثم موحدة، وكلاهما صحيح والأول أجود في هذا الموطن لأنه ساقه للإنكار عليه، وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كان المنكر عليه واليًا اهـ (فقال) مروان (لا) نبدأ بالصلاة (يَا أَبا سعيد قد ترك ما تعلمـ) ـه منهم تقديم الصلاة على الخطبة أي قد تركه الأمراء قبلي (قال) أبو سعيد (قلت) لمروان (كلا) أي ارتدع عما تفعل من مخالفة السنة بتقديم الخطبة على الصلاة. قال القرطبي:(كلا) بمعنى لا النافية كقول الشَّاعر:
فقالوا قد بكيت فقلت كلا
أي لا كان مروان قال له ما نفعله خير مما تعلمه فقال كلا ليس خيرًا مما نعلمه (والذي) أي أقسمت لك بالإله الذي (نفسي) وروحي (بيده) المقدسة (لا تأتون) أنتم معاشر الأتباع في الدين (بـ) أمر (خير مما أعلمـ) ـه لأن ما أعلمه من السنن وما تفعلونه من البدع يعني أن ما يعلمه هو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين، وكيف يكون غيره خيرًا منه، وفي صحيح البُخَارِيّ فخطب قبل الصلاة فقلت له: غيرتم والله، فقال: أَبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة اهـ وهذا الاعتذار اعتراف منه بجورهم وسوء صنيعهم بالنَّاس حتَّى صاروا متنفرين عنهم كارهين لسماع كلامهم، قال أبو سعيد: ذلك يعني قوله: والذي نفسي بيده الخ (ثلاث مرار) أي كرره ثلاث مرات تأكيدًا للكلام (ثم انصرف) أبو سعيد أي تحول من جهة المنبر إلى جهة الصلاة وليس معناه أنَّه انصرف وذهب من المصلى وترك الصلاة معه كذا أفاد النواوي، وقال ملا علي: "انصرف أبو سعيد ولم يحضر الجماعة تقبيحًا لفعل مروان وتنفيرًا عنه