تعالى بوصفه بالكمالات يعني بدأ خطبته بحمد الله وثنائه (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الشمس والقمر) آيتان (من آيات الله) تعالى الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته أو على تخويف عباده من بأسه وسطوته (وإنهما لا ينخسفان لموت أحد) من الناس (ولا لحياته) وإنما يخوف الله سبحانه بكسوفهما عباده.
(فإن قلت): أي فائدة في قوله ولا لحياته وقد كان توهم انكسافهما لموت عظيم من العظماء؟
(قلنا) دفع به توهم من كان يتوهم منهم أن الانكساف يقع لولادة شرير اهـ ابن الملك وقيل ذكره تتميمًا للأقسام وإلا فلم يدع أحد أن الكسوف لحياة أحد أو ذكر لدفع توهم من يقول لا يلزم من نفى كونه سببًا للفقد أن لا يكون سببًا للإيجاد فعمم الشارع النفي لدفع هذا التوهم اهـ من الإرشاد.
وقد أخرج البخاري عن المغيرة بن شعبة بسنده قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات ابنه من مارية القبطية (إبراهيم) بالمدينة في السنة العاشرة من الهجرة وجزم النواوي بأنها كانت سنة الحديبية اهـ قسط.
(فإذا رأيتموهما) أي إذا رأيتم انخسافهما أو إذا رأيتموهما منخسفين (فكبروا) الله سبحانه وتعالى عن شركة كل معبود سواه (وادعوا الله) سبحانه انكشاف ما نزل بكم (وصلوا) ركعتين في كل ركعة ركوعان كما مر آنفًا أو ركعتين كسنة الظهر (وتصدقوا) من أموالكم صدقة تطوع لأن الصدقة تدفع البلاء ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أمة محمد إن) نافية بمعنى ما (من) زائدة (أحد) مبتدأ سوغ الابتداء بالنكرة تقدم النفي عليه (أغير) خبر المبتدأ (من الله) متعلق بأغير وغيرة الله صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها ولا نمثلها ولا نكيفها أثرها المنع من المعاصي وكراهته لها (أن يزني عبده) متعلق بأغير بتقدير من الجارة للمصدر المؤول وحذف من قبل أن المصدرية قياس مطرد وأو في قوله (أو تزني أمته) للتنويع لا للشك والمعنى ما من أحد أمنع من المعاصي من الله سبحانه وتعالى ولا أحد أشد كراهة لزنا عبده أو زنا أمته من الله تعالى.