قال الطيبي: ووجه اتصال هذا المعنى بما تقدم من قوله فكبروا وادعوا الله هو أنه صلى الله عليه وسلم لما خوف أمته من الكسوفين وحرضهم على الفزع والالتجاء إلى الله تعالى بالتكبير والدعاء والصلاة والصدقة أراد أن يردعهم عن المعاصي التي هي من أسباب حدوث البلاء وخص منها الزنا لأنه أعظمها والنفس إليه أميل وخص العبد والأمة بالذكر رعاية لحسن الأدب اهـ من الإرشاد.
ثم كرر الندبة فقال (يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم) أي من عظمة الله تعالى وعظيم انتقامه من أهل الجرائم وشدة عقابه لهم وأهوال القيامة وما بعدها ما علمت وترون النار كما رأيت في مقامي هذا وفي غيره (لبكيتم) بكاء (كثيرًا ولضحكتم) ضحكًا (قليلًا) لتفكركم فيما علمتموه والقلة هنا بمعنى العدم كما في قوله (قليل التشكي) أي عديمه وقوله تعالى {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا}[التوبة: ٨٢] أي غير منقطع ثم قال: (ألا هل بلغت) وألا حرف تنبيه والاستفهام تقريري (وفي رواية مالك) بن أنس: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله) سبحانه وتعالى بزيادة لفظة (آيتان) دون رواية عبد الله بن نمير فإن قيل: إن الخطاب في بكيتم وضحكتم إن كان للكافرين فليس لهم ما يوجب ضحكًا أصلًا وإن كان للمؤمنين فعاقبتهم الجنة مخلدين فيها وإن دخلوا النار فما يوجب البكاء بالنسبة إلى ما يوجب الضحك شيء يسير فينبغي أن يكون الأمر بالعكس قلنا: الخطاب للمؤمنين لكن خرج هذا الحديث في مقام ترجيح الخوف على الرجاء اهـ ابن الملك.
قال القرطبي: ذهب الجمهور إلى أن صلاة كسوف الشمس ركعتان في كل ركعة ركوعان على ما في حديث عائشة رضي الله عنها وما في معناه قال أبو عمر: وهذا أصح ما في هذا الباب وأما غيره من الروايات التي خالفته فمعلولة ضعيفة وأما الأحاديث الآتية بعد هذا التي تدل على أن في كل ركعة ثلاث ركوعات أو أربع ركوعات أو خمس ركوعات على ما في حديث أُبيّ فقد قال بكل حديث منها طائفة من الصحابة وغيرهم ومن أهل العلم من ذهب إلى أن ذلك الاختلاف إنما هو بحسب طول مدة الكسوف وقصرها وفي هذا نظر اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (٦/ ١٦٨) والبخاري (١٠٤٦) وأبو داود (١١٩٠) والترمذي (٥٦١) والنسائي (٣/ ١٣٧) وابن ماجه (١٣٦٣).